المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : Othello



manal232
06-01-2008, 09:03 PM
(1) (أوثيلـّو)(OTHELLO) باختصار شديد هي مسرحية تراجيدية لشكسبير. يقوم البطل أوثيلّو بقتل حبيبته دوزدمونا (DESDEMONA) بسبب شكه في إخلاصها له . زرع هذا الشك في نفسه إياغو . ولما اتضح له الأمر واكتشف أنه مخطأ وأن دوزدمونا كانت مخلصة له، قام بالانتحار. وهناك اختلاف بين النقاد في كيفية ظهور أوثيلو على المسرح. فهل يظهر على أنه من أصل عربي أم زنجي أو هجين بين الأبيض والزنجي.

مؤلف القصة ليس مشهور على ما أتوقع، ووفقاً للمرجع الذي عندي…
المؤلف هو H. E. Bates أو Herbert Ernest Bates
عاش في الفترة ما بين 1905 و 1974. وهو كاتب بريطاني خدم في القوة الجوية الملكية أثناء الحرب العالمية الثانية. وكان يكتب تحت اسم مستعار (الضابط (س) الطائر) (flying officer X) قصصاً قصيرة مبنية على تجاربه.
كان هناك خمسة عشر ألفاً من الناس في بلدة (كليبول) ولا يوجد بها إلا ممثلة واحدة؛ وهي تمتلك حانوت قبعات نسائية.
أنا اسمي (سبريك) وعندي حانوت ساعات ومجوهرات بجوار حانوت الآنسة (بورتيوس) منذ خمس عشرة سنة. وطيلة تلك المدة لم تتحدث إلي أبداً، ولست متأكداً أنها تحدثت إلى أحد قط، وأنا لم أرها تفعل ذلك أبداً.
أنا وزوجتي زوجان مقبولان ومحترمان ومخلصان وليس لدينا تكبر للتحدث مع أي شخص. وقد كنت بنفسي على خشبة مسرح محلي أنشد نشيدة دينية، ولكننا لا نروق للآنسة أبداً وهذا شأنها. فلو أنها لم تكن متحفظة جداً ، لربما لم تزل على قيد الحياة إلى الآن. لقد ماتت كما هو مكتوب على الصفحة الأمامية للصحف وكما يعرفه الجميع.

لا أحد في (كليبول) يعرف الكثير عن الآنسة (بورتيوس). الذي نعرفه أنها ممثلة؛ ولكن أين مثلت وفي أي مسرحية وأي مسرح ومتى … فلا أحد يعرف. وكانت تبدو كممثلة. فهي طويلة ومتكبرة وأما شعرها الذي كان أشقراً فيما مضى، فهو يشبه لون الشوارب الذي أثر عليها دخان السجائر، لون يشبه لون الزنجبيل المائل إلى الاصفرار وكأن صبغ شعرها أظهر نتيجة خاطئة. وكانت شفتاها حمراويتين ومنقبضتين. ومن ملامح وجهها المتكبر تبدو وكأنها امرأة مقرفة في مسرحية. وكانت تلبس –للاستعراض فقط- ما هو مخالف للباس النساء في (كليبول)، ففي الشتاء تظهر بلباس من الشيفون وفي الصيف تراها تتجول في ملعب الغولف، ولا تتحدث إلى أحد، وعليها لباس من فراء الثعالب لونه يشبه لون شعرها.

وحانوتها لم يتغير، ففي الوقت الذي كانت نوافذ حوانيت بيع القبعات تغص بالقبعات، فإن الآنسة (بورتيوس) لا تعرض إلا عينة لقبعة على منضدة بالإضافة إلى مزهرية بها أزهار ثمينة على قطعة من المخمل. ولكن ذلك الوضع لم يتغير أبداً. وكانت القبعة تشبه الآنسة (بورتيوس) نفسها… منعزلة وعليها علامات التكبر وهي ليست في الوضع المناسب.

كان حانوتي وحانوتها متقابلان من الخلف، ويقسم الحديقة بيننا سياج من الخشب. ومن حمامنا يمكن أن ننظر إلى حمام الآنسة (بورتيوس)، ويمكن رؤية عدد كبير من منتجات التجميل مرتبة خلف زجاجة النافذة الضبابية. ولكن لم نرَ شخصاً آخر أبداً.
ولكن يوماً من الأيام رأينا….
2)

كان حانوتي وحان‏تها متقابلان من الخلف، ويقسم الحديقة بيننا سياج من الخشب. ومن حمامنا يمكن أن ننظر إلى حمام الآنسة (بورتيوس)، ويمكن رؤية عدد كبيظ من منتجات التجميل مرتبة خلف زجاجة النافذة الضبابية. ولكن لم نرَ شخصاً آخر أبداً.
ولكن يوماً من الأيام رأينا شخصاً آخر هناك. ففي صبيحة يوم أربعاء جاءت زوجتي مسرعة نحو حانوتنا وأنا أصلح رافعة لازلت أطرقها من أشهر. قالت لي بأنها رأت رجلاً في الفناء الخلفي8لحانوت الآنسة (بورتيوس).
قلت:"حسناً، وماذا في ذلك. إن هذا لا يهمني حتى ولو كانوا خمسين رجلاً. ربما هذا هو ما تريده، رجلاً أو ظجلين.
وانتهى الموضوع هكذا وانهمكت في عملي ولم يراودني تفكير بالأمر. ولكن زوجتي لا زالت مهتمة. يمكنك القول أنها فضولية قليلاً. فبينما كانت ترتب ستائر غرفة النوم، رأت الرجل عدة مرات. لقد رأته بوضوح. فهو في منتصف العمر ويلبس ربطة عنق صفراء.
في تلك الليلة عüدما ذهبت للنوم كان المصباح مضاءً في غرفة الآنسة (بورتيوس)، ولكن لا يمكنني أن أراها. وعندما ذهبت إلى الحمام في صباح اليوم التالي(لم يزل المصباح مضاءً. فقلت:"إن الآنسة (بورتيوس) تركت المصباح مضاءً طيلة الليل". ولكنني لم أهتم بالموضوع فيما بعد.
وعندما صعدت حي منتصف النهار لم يزل المصباح على حاله وكذلك بعد المساء وطيلة تلك الليلة. فشعرت زوجتي بالخوف ولكنني قلت لها:"إن اليوم هو الخميس8وقد أخذته يوم راحة وذهبت إلى لندن"
ولكن المصباح استمر مضاءً إلى اليوم التالي حتى وقت متأخر من تلك الليلة. حينـئذ شعرت حتى أنا8بالحيرة في أمرها. فذهبت وحاولت فتح باب حانوتها، فكان مقفلاً. ولكن لاشيء يدعو للاستغراب فلقد كانت الساعة الحادية عشرة ولابد أن يكون مقفلاً.
فذهبت أنا وزوجتي للنوم ولكن زوجتي لم تستطع النوم. كانت دائماً تقول لي أن أفعل شيء ما. فأجيبها:"وما الذي يمكنني أن أفعل". وأخيراً نهضتْ من السرير وقالت:"يجب أن تأخذ سلماً إلى الخارج وتصعد عليه وترى إذا ما كان كل شيء على ما يرام في حمام الآنسة (ہورتيوس)" فوافقت على اقتراحها. فقمت بسحب السلم على السياج وأسندته عند نافذة حمام الآنسة (بور تيوس) ثم صعدت. وبهذا الوضع أخذت لي إورة فيما بعد، وأنا فوق السلم أشير إلى نافذة الحمام التي وضع عليها علامة بشكل الصليب، وكل الجرائد وضعت هذه الصورة في صفحاتها.
مد رأيته من خلال نافذة الحمام كان شنيعاً بما فيه الكفاية. ولكن فقط عندما اتصلت بمركز الشرطة تبين لي فعلاً كم هو شنيع ما رأيت…..
والآن لنتابع أحداث القصة….
===============
ما رأيته من خلال نافذة الحمام كان شنيعاً بما فيه الكفاية. ولكن فقط عندما اتصلت بمركز الشرطة تبين لي فعلاً كم هو شنيع ما رأيت.
كانت الآنسة (بورتيوس) مستلقية على أرضية الحمام وبها أثر جرح لرصاصة في صدرها. وعندما فتحنا الباب للدخول ارتطم الباب برأسها. لقد كانت ميتة منذ فترة وباستطاعتي أن أقدر مقدار هذه الفترة بسبب المصباح. وكانت لابسة ثوب نوم لونه وردي وتشكل الدم على صدرها على هيئة وردة.
قال لي الضابط:"أقفل بوابة الحديقة ولا تتحدث إلى أي شخص عن أي شيء"
وفعلاً لم أتحدث إلى أحد. وفي صباح اليوم التالي، كل من في بلدة (كليبول) عرف بأن الآنسة (بورتيوس) قد قتلت، وعند المساء كل إنكلترا عرفت ذلك. وجاء مسرعاً لكي يراني قبل الساعة السابعة، المراسل الصحفي لصحيفة (آرجس) وهي صحيفة محلية. قال لي:"أعطني التفاصيل قبل أن يصل أحد إلى هنا. أنا كاتب في الصحيفة وسأكتب ما تقوله، فقط أخبرني ما رأيت وسأكتبه". فقلت كلامي، وكان كلاماً بسيطاً وكل كلمة فيه كانت صحيحة.
وبعد العشاء رأيت ثلاثة رجال ومعهم آلات تصوير في الجهة المقابلة من الشارع. قاموا بأخذ صور لحانوت الآنسة (بورتيوس) ومن ثم عبروا الطريق إلى حانوتي فدخلوا الحانوت ثم الفناء الخلفي، وهناك أخذوا بتصوير نافذة حمام الآنسة (بورتيوس). ثم وضع أحدهم جنيه في يدي وقال لي:"هل تسمح بالصعود على السلم" وكان السلم باقٍ في مكانه، فصعدت عليه والتقطوا صوراً لي وأنا فوقه أشير إلى النافذة.
وعند المساء احتشد جمع غفير في الشارع. ازدحموا عند نافذتي فأسدلت الستائر عليها. وبعد أن تخلصت منهم جاء أربعة رجال يقولون أنهم صحفيون ويطلبون مني التفاصيل عن الآنسة (بورتيوس).
وقبل أن أتحدث اندفعوا إلى داخل الحانوت، وأغلقوا الباب . لم يكونوا أربعة فقط بل أثني عشر. فوقفت خلف منصة الاستقبال وأخرج كل واحد منهم دفتر ملاحظات ووضعها على زجاجة العرض، وبدءوا بالكتابة. لقد حاولت أن أخبرهم بما أخبرت المراسل في الصحيفة المحلية، ألا وهي الحقيقة لا أكثر ولا أقل من الحقيقة، ولكنهم لا يريدون ذلك فأكثروا علي طرح الأسئلة.
أسئلة مثل: كيف كانت الآنسة (بورتيوس)؟ هل كان اسمها الحقيقي (بورتيوس)؟ هل لها اسم مع هذا الاسم؟ ما كان لون شعرها؟ منذ متى كانت هناك؟ وسألوني إذا ما كان يبدو لي الأمر مضحكاً بأن تمتلك ممثلة حانوتاً للقبعات. متى رأيت هذه المرأة آخر مرة؟… وعن حمامها…وعن شعرها…إلخ.
بدا علي الارتباك وقلت كلاماً….
والآن لنتابع أحداث القصة….
===============
(3)

ما رأيته من خلال نافذة الحمام كان شنيعاً بما فيه الكفاية. ولكن فقط عندما اتصلت بمركز الشرطة تبين لي فعلاً كم هو شنيع ما رأيت.
كانت الآنسة (بورتيوس) مستلقية على أرضية الحمام وبها أثر جرح لرصاصة في صدرها. وعندما فتحنا الباب للدخول ارتطم الباب برأسها. لقد كانت ميتة منذ فترة وباستطاعتي أن أقدر مقدار هذه الفترة بسبب المصباح. وكانت لابسة ثوب نوم لونه وردي وتشكل الدم على صدرها على هيئة وردة.

قال لي الضابط:"أقفل بوابة الحديقة ولا تتحدث إلى أي شخص عن أي شيء"

وفعلاً لم أتحدث إلى أحد. وفي صباح اليوم التالي، كل من في بلدة (كليبول) عرف بأن الآنسة (بورتيوس) قد قتلت، وعند المساء كل إنكلترا عرفت ذلك. وجاء مسرعاً لكي يراني قبل الساعة السابعة، المراسل الصحفي لصحيفة (آرجس) وهي صحيفة محلية. قال لي:"أعطني التفاصيل قبل أن يصل أحد إلى هنا. أنا كاتب في الصحيفة وسأكتب ما تقوله، فقط أخبرني ما رأيت وسأكتبه". فقلت كلامي، وكان كلاماً بسيطاً وكل كلمة فيه كانت صحيحة.

وبعد العشاء رأيت ثلاثة رجال ومعهم آلات تصوير في الجهة المقابلة من الشارع. قاموا بأخذ صور لحانوت الآنسة (بورتيوس) ومن ثم عبروا الطريق إلى حانوتي فدخلوا الحانوت ثم الفناء الخلفي، وهناك أخذوا بتصوير نافذة حمام الآنسة (بورتيوس). ثم وضع أحدهم جنيه في يدي وقال لي:"هل تسمح بالصعود على السلم" وكان السلم باقٍ في مكانه، فصعدت عليه والتقطوا صوراً لي وأنا فوقه أشير إلى النافذة.

وعند المساء احتشد جمع غفير في الشارع. ازدحموا عند نافذتي فأسدلت الستائر عليها. وبعد أن تخلصت منهم جاء أربعة رجال يقولون أنهم صحفيون ويطلبون مني التفاصيل عن الآنسة (بورتيوس).

وقبل أن أتحدث اندفعوا إلى داخل الحانوت، وأغلقوا الباب . لم يكونوا أربعة فقط بل أثني عشر. فوقفت خلف منصة الاستقبال وأخرج كل واحد منهم دفتر ملاحظات ووضعها على زجاجة العرض، وبدءوا بالكتابة. لقد حاولت أن أخبرهم بما أخبرت المراسل في الصحيفة المحلية، ألا وهي الحقيقة لا أكثر ولا أقل من الحقيقة، ولكنهم لا يريدون ذلك فأكثروا علي طرح الأسئلة.

أسئلة مثل: كيف كانت الآنسة (بورتيوس)؟ هل كان اسمها الحقيقي (بورتيوس)؟ هل لها اسم مع هذا الاسم؟ ما كان لون شعرها؟ منذ متى كانت هناك؟ وسألوني إذا ما كان يبدو لي الأمر مضحكاً بأن تمتلك ممثلة حانوتاً للقبعات. متى رأيت هذه المرأة آخر مرة؟… وعن حمامها…وعن شعرها…إلخ.

بدا علي الارتباك وقلت كلاماً….
4)

لقد حاولت أن أخبرهم بما أخبرت المراسل في الصحيفة المحلية، ألا وهي الحقيقة لا أكثر ولا أقل من الحقيقة، ولكنهم لا يريدون ذلك فأكثروا علي طرح الأسئلة.

أسئلة مثل: كيف كانت الآنسة (بورتيوس)؟ هل كان اسمها الحقيقي (بورتيوس)؟ هل لها اسم مع هذا الاسم؟ ما كان لون شعرها؟ منذ متى كانت هناك؟ وسألوني إذا ما كان يبدو لي الأمر مضحكاً بأن تمتلك ممثلة حانوتاً للقبعات. متى رأيت هذه المرأة آخر مرة؟… وعن حمامها…وعن شعرها…إلخ.

بدا علي الارتباك وقلت كلاماً عن شعرها بأنه يميل قليلاً إلى الحمرة. فقال أحد الصحفيين:"الآن وصلنا إلى نتيجة. إنه يشبه لون الجزر" فضحكوا جميعاً.

ثم سألني آخر:"الكل يقول أن هذه المرأة كانت ممثلة. ولكن أين كانت تمثل؟ في لندن؟ وفي أي مسرح؟ ومتى؟"

قلت:"لا أعلم"

-"أنت تعيش بجوارها طيلة هذا الوقت ولا تعلم؟ ألم تسمع من أحد أنها مثلت في مسرحية ما؟"
-"لا أنا… إنها غريبة قليلاً"

فشدت انتباههم هذه الكلمة
-" غريبة؟كيف؟هل هي غامضة؟" فأجبتهم:"إنها امرأة كانت تخرج بفراء ثعلب ثقيل في يوم صائف حار. فهي ليست كغيرها."
-"هل هي مجنونة؟"
-"لا"
-"غريبة الأطوار؟"
-"لا يمكنني أن أقول ذلك"
فقالوا :"لابد أنك سمعت شيئاً ما عن تمثيلها"

فقلت:"لا". وبعد ذلك تذكرت شيئا ما. لقد ورد اسمها مرة في بروفة في مسرح (كورال سوسايتي). وقد ذكر شخص ما شيئا ما عنها بأنها كانت تمثل في مسرحية (أوثيلـّو). تذكرت ذلك لأن هناك نقاشاً عما إذا كان (أوثيلـّو)(OTHELLO) (1) أسوداً أو هجيناً من عرقين.

بادر الصحفيون بالكتابة (أوثيلوا) ثم سألوني :"وما كان دورها؟ هل هي بدور (دزدمونا) (DESDEMONA) ؟
فقلت لهم:" أعتقد أنه لا ينبغي أن تكتبوا ذلك فأنا لا علم لي على وجه الدقة بأنه صحيح أم لا. لا أعتقد…"

فقالوا:"وبالنسبة للرجل الذي رأيته، متى كان ذلك؟ وكيف كانت هيئته؟" فقلت لهم بأنه لا علم لي وأنني لم أره بل زوجتي هي من رأته. عندئذٍ طرحوا أسئلتهم على زوجتي. فكانوا لطفاء معها ولكنهم كتبوا عنها كلاماً لم تقله كما فعلوا معي.فسألوها هل كان يلبس ربطة عنق صفراء؟ هل هو أسمر؟ ما مدى اسمرار بشرته؟ هل كان يبدو أجنبياً؟

وفي صباح اليوم التالي……

(5)

عندئذٍ طرحوا أسئلتهم على زوجتي. فكانوا لطفاء معها ولكنهم كتبوا عنها كلاماً لم تقله كما فعلوا معي.فسألوها هل كان يلبس ربطة عنق صفراء؟ هل هو أسمر؟ ما مدى اسمرار بشرته؟ هل كان يبدو أجنبياً؟

وفي صباح اليوم التالي انتشرت الصحف الصباحية في كل أرجاء (كليبول). …(الممثلة المقتولة-القصة الكاملة)…هذه القصة تنسب إلي ولكنها نوعاً ما ليست حقيقية كما يبدو ذلك من الصحف. لقد قرأت كل الصحف ووجدت صورتي وصورة حانوت الآنسة (بورتيوس) كأنه مكان مهجور وكئيب وصورة الآنسة (بورتيوس) نفسها. وعلى كل هذه الصحف عناويين سوداء بارزة:

"لا يزال البحث عن قاتل الممثلة مستمراً" "الشرطة مهتمة بالتحقيق مع رجل أجنبي يلبس ربطة عنق صفراء" "ديزدمونا في الحياة الواقعية: هل هي ضحية للغيرة؟" "الممثلة المنعزلة ذات الأطوار الغريبة وجدت ميتة في الحمام" "الحياة الغامضة لممثلة تلبس الفراء في أيام الصيف الحار" "الممثلة الجميلة ذات الشعر الأحمر، التي لم تتحدث لأي شخص" "اختفاء الرجل الأجنبي صاحب البشرة السمراء"

ذلك اليوم كان يوم الأحد. في مساء هذا اليوم احتشد في بلدة (كليبول) مئات من الناس لم يأتوا إليها أبداً من قبل. كانوا يمرون عند حانوت الآنسة (بورتيوس) وحانوتي بأعداد هائلة. البعض في سياراتهم ومنهم يمشي على الأرجل والبعض على الدراجات الهوائية. وكانوا يحملقون في نوافذ حانوت الممثلة الميتة. وقد تخطوا سياج حديقتي الخلفية وسحقوا مكان الزهور بأقدامهم، إلى أن أوقفهم رجال الشرطة. وفي آخر المساء كان الحشد كبيراً جداً بحيث أنني أسدلت الستائر مرة أخرى، وعند الساعة السادسة أقفلت الحانوت.واستمر رجال الشرطة في إبعاد المتجمهرين ولكن دون جدوى. فلقد كانوا يندفعون من الشارع الرئيسي إلى الشوارع الفرعية ثم إلى الشوارع الخلفية ، ويعودوا إلى الشارع الرئيسي مجدداً.

مئات من الناس كانوا يرون حانوت الآنسة (بورتيوس) في كل يوم من أيام حياتهم، فجأة احتدمتهم رغبة في التفرج عليه. كانوا يكثرون التحديق في المظلات الشمسية للنوافذ وكأنها مرصعة بالجواهر. وكانوا يتقاتلون لإلقاء نظرة على النافذة الزجاجية لحمام الآنسة (بورتيس) .وقد غصت كل حوانيت الشاي في (كليبول) بالناس.

وطيلة ذلك اليوم كان بعض المراسلين والمصورين وبعض من المحققين يتجولون حول المنزل والحديقة. وكذلك في اليوم التالي. وفي صباح يوم الأحد هذا، فاتني الذهاب إلى الكنيسة-التي اعتدت إلقاء النشيد فيها- للمرة الأولى منذ عشر سنوات تقريباً. ولم تستطع زوجتي النوم وكانت منهكة نفسياً وتبكي باستمرار. وامتلأت صحف يوم الأحد بالقصة مرة أخرى . العناوين البارزة وصور الآنسة (بورتيوس) المسكينة، وحانوتها وصورة نافذة الحمام وصورة حانوتي. وفي ذلك المساء بدأ التجمهر مجدداً بأعداد أكثر من قبل. وبالرغم أن كل حوانيت الشاي لا تفتح أيام الأحد كما هو معتاد إلا أنها فتحت في ذلك اليوم وازدحمت بالناس. وبدأ رجل يتجول في الشوارع ويبيع صور تذكارية لشارع بلدة (كليبول) الرئيسي بثلاثة بنسات، وبدا الأمر وكأنه يبيع جنيهات أو شعيرات من رأس الآنسة (بورتيوس). وفتحت حوانيت الحلويات. فترى الناس يشترون كرامل (كليبول) وحلوى التوفي لـ(كليبول)، وهي تتميز بها البلدة. وقد قامت الشرطة بتجنيد رجالاً إضافيين، وإلى الساعة العاشرة لايزال أشخاص غرباء يتجولون في الجوار، عائلات بكاملها، مع أطفالهم وبلباس يوم الأحد، يحدقون بأعينهم في نوافذ الآنسة (بورتيوس) وأفواههم فاغرة.

وبعد الظهر من ذلك اليوم….

(6)

. وقد قامت الشرطة بتجنيد رجالاً إضافيين، وإلى الساعة العاشرة لايزال أشخاص غرباء يتجولون في الجوار، عائلات بكاملها، مع أطفالهم وبلباس يوم الأحد، يحدقون بأعينهم في نوافذ الآنسة (بورتيوس) وأفواههم فاغرة.

وبعد الظهر من ذلك اليوم ذهبت لأتمشى، فقط لمدة دقائق قليلة، لكي أستنشق بعض الهواء. كل شخص أعرفه أوقفني ليتحدث معي، وأوقفني رجل معرفتي به بسيطة، وقال:"كيف يبدو شكلها وهي في ثوب النوم، هل رأيت ذلك؟" وقال آخر:"آه، لا تقل لي بأنها تعيش هناك لوحدها بدون سبب. أنا أعرف رجلاً يتردد عليها. فإذا وجد شخص فهناك آخرون. فهذا شيء مألوف لديها."

وتم عقد الاستجواب يوم الاثنين. وقد استغرق ثلاثة أيام. وكنت أنا وزوجتي شاهدين، وتبين فيما بعد بأن اسم الآنسة (بورتيوس) ليس (بورتيوس) إطلاقاً بل (هِلِن ويليامز). والاسم (بورتيوس) هو اسمهما في المسرح. وتبين أيضاً أن هناك تناقض في الآراء في الدليل الطبي، فلم يتضح إذا ما كانت الآنسة (بورتيوس) قتلت أم أنها تخلصت من حياتها. كانت حالة لافتة للنظر ومحيرة وجعلت الأمر أكثر تعقيداً لأن الرجل صاحب ربطة العنق الصفراء لم يتم العثور عليه، فأصدرت هيئة المحلفين حكماً مفتوحاً.

كل ذلك جعل الأمر أكثر سوءاً وكون الآنسة (بورتيوس) لديها اسمان جعلها محاطة بجو من الغموض والازدواجية، وقد زاد من ذلك الشكوك حول موتها.وبالتدريج ظهرت قصة مختلفة تتعلق بالآنسة(بورتيوس). وبدأ ينتشر في كل أرجاء (كليبول) بأنها امرأة ذات صيت معين وأن حانوت القبعات عبارة عن وسيلة للتمويه. يتساءلون فيما بينهم:"هل رأيت أحد قط بداخل محلها أو شخص يدخل؟ لا ولا أحد رأى ذلك. هل اشترى أحد قط قبعة منها؟ لا ولكن الباب الخلفي كان دائماً مفتوحاً". تلك الإشاعة أعطت الآخرين مبرراً لمزيد من الإشاعات. بدأ بعض الناس يقول:"(سبريك) قال لي بنفسه أنها كانت مستلقية على الأرض وهي عارية. وقد وضعوا ثوب النوم عليها فيما بعد". ثم أصبحت ليس فقط امرأة عارية وعديمة العفة، بل أيضاً حاملاً. بدأ بعض الناس يقول:"هذا هو السبب وراء قتلها. سواء أنها قتلت أو قتلت نفسها. لقد علمت بذلك من (سبريك) مباشرة."

وبينما كانت قصة الآنسة (بورتيوس) تزداد، كان دوري فيها يزداد. وكان نشاط العمل في حانوتي سيئاً جداً ولمدة ثلاثة أيام كنت أضطر إلى إغلاق الحانوت بسبب الاستجواب، ولكن فجأة بدأ الناس يأتون. لقد بحثوا عن ساعات يد وساعات كبيرة قديمة تحتاج إلى التصليح، وبروشات (دبابيس زينة) انتهت موضتها منذ سنوات وتحتاج إلى إعادة صياغتها، وأحضروها إلي. وجاءووا ليشتروا ساعات يد والحلي الصغيرة ومنفضات السجائر وقطع صغيرة من المجوهرات وساعات كبيرة وأي شيء. وطلب رجل منفضة سجائر عليها صورة كنيسة (كليبول) كتذكار.

وعند نهاية الأسبوع بعت كل تذكار وقعت يدي عليه. لم يفرغ الحانوت أبداً. وكنت أتناول وجباتي واقفاً وعند نهاية اليوم نكون أنا وزوجتي مرهقين بسبب ذلك العمل النشط والاستثنائي. وكنا نستريح على السرير طيلة يوم الأحد، ونحن منهكان. ثم يتكرر كل ذلك العمل يوم الاثنين. لقد حاصرنا الناس القادمون إلى المحل وهم يتظاهرون بأنهم يشترون شيئاً، ولكن في حقيقة الأمر يريدون فرصة ليسمعوني أقول شيئاً عن موت الآنسة (بورتيوس). فأصبحت في مأزق: لقد عزمت على إغلاق الحانوت وإنهاء الموضوع برمته، ولكن ذلك غير ممكن. فالعمل عمل والموت موت وعلى المرء أن يعيش. ولهذا واصلت في فتح الحانوت.

ثم جاء الشرطة لمقابلتي مجدداً….
(7)

فأصبحت في مأزق: لقد عزمت على إغلاق الحانوت وإنهاء الموضوع برمته، ولكن ذلك غير ممكن. فالعمل عمل والموت موت وعلى المرء أن يعيش. ولهذا واصلت في فتح الحانوت.

ثم جاء الشرطة لمقابلتي مجدداً. لم يتم العثور على الرجل صاحب ربطة العنق الصفراء،ويريدون مني ومن زوجتي التأكد من الأقوال التي أدلينا بها. فأغلقنا الحانوت وذهبنا بسيارة الأجرة إلى المركز. فأمضينا هناك ثلاث ساعات. وعندما رجعنا كان هناك حشد من خمسين شخصاً متجمهرين حول الحانوت يتهامسون ويتجادلون فيما بينهم. ظهرت إشاعة بأن الشرطة اعتقلتني.

وبمجرد أن بدأت الإشاعة، لم يمكن الحد من نتائجها. هي الإشاعة التي لا تجد لها مصداقاً على أرض الواقع، وهي تنتشر مثل الدخان الذي تراه موجوداً ولكن لا يمكنك الإمساك به.وهكذا تتبع الإشاعة إشاعة أخرى. فقد قيل أنني أنا وزوجتي فضوليان ونتدخل فيما لا يخصنا. وإلا كيف يمكننا أن نلقي نظراتنا على حمام الآنسة (بورتيوس)؟ وكيف لنا أن نرى الرجل صاحب ربطة العنق الصفراء في الفناء الخلفي؟ إذن نحن كنا نحب التجسس على الآخرين. لم أسمع أحداً قط قال لي هذا الكلام، ولكنني أراه في وجوه الناس. أنني أشعر به ببساطة كما يشعر الرجل بتأثير تغير الجو على جرح قديم.

ولكن هناك شيئاً واحداً سمعته منهم. لقد كنت أحد رواد نادي في (كليبول). كان لدينا أربع طاولات بلياردو كبيرة الحجم. وفي أوقات المساء كنت أذهب إلى هناك للعب بالبلياردو وأوراق اللعب، وللتدخين وللتحدث مع الآخرين وهلما جرا. وبجانب غرفة البلياردو توجد غرفة صغيرة لإيداع القبعات والمعاطف. وفي مساء أحد الأيام كنت أعلق معطفي فسمعت أحدهم وهو عند طاولة البلياردو،يقول:

" إن (سبيرك) العجوز يعرف كثيراً من الأشياء. ألا تعتقد أنه يتردد على الدور العلوي من حانوتها؟ ألا تندهش كم هو غريب بأن يعرف (سبيرك) العجوز لون ثوب نومها جيداً؟"

فلبست معطفي وخرجت من النادي. لقد كنت أرتجف وأشعر بالرهبة والخوف.فالذي سمعته يبدو لي أنه تتبلور فيه كل الإشاعات التي ربما تكون منتشرة أو غير منتشرة في أنحاء (كليبول). أو ربما هي ببساطة تبلور لمخاوفي. لا أدري فالذي أعرفه أنه كان لدي شعور بأن شكوك الآخرين تحيطني في أشياء لم أعملها ولم أقلها، وأنه ليس فقط الآنسة (بورتيوس) امرأة منحرفة بل كان أيضاً لدي علاقة غير شرعية معها؛ وليس فقط أنها كانت حاملاً بل ربما أيضاً لي علاقة بذلك الحمل، وليس فقط أنها قتلت بل أيضاً أنني أعرف أكثر مما قلته عن حادث القتل. لقد أنهكتني المخاوف ومقاومتها فلا أعرف ما أعمل.

وطيلة ذلك الوقت تدفق الزبائن مستمر. فطوال اليوم يأتي أناس ليشتروا أشياء لا يريدونها، فقط ليحصلوا على فرصة ليسمعوني أقول شيئاً عن موت الآنسة (بورتيوس)، أو ليسألوني بعض الأسئلة عن حياتها. كان ذلك يرهقني ويضايقني جداً بحيث أنني اضطررت أن أحمي نفسي. لذلك خطرت لي فكرة بأن أقول نفس الشيء لأي شخص.

عزمت أن أقول "لا أدري". فقلتها لكل شخص. هكذا فقط أقول:"لا أدري".

أعتقد أنني كنت مضطراً لقول هذه الكلمة مئات المرات في اليوم. وأعتقد أنني كنت أقولها في أغلب الأحيان سواء كانت هناك ضرورة أم لا. وعندما يكرر المرء عبارة مئات المرات في اليوم لمدة أسبوعين أو ثلاثة، فربما من الطبيعي أن يبدأ الناس بالشك في صحته العقلية.

ولهذا انتشر في (كليبول) بأنني غريب الأطوار قليلاً. وفي أحد الأيام كان علي أن أذهب إلى لندن لقضاء بعض الأعمال، وكان في نفس المقصورة التي أنا فيها هناك رجل يقول لرجل آخر:"خذ أي حادث قتل تريد. دائماً يكون عمل شخص به مس في عقله. خذ مثلاً حادث القتل الذي في (كليبول). إنه واضح كضوء النهار. فهو عمل شخص مجنون."

كان ذلك الكلام ليس موجهاً ضدي، ولكنه يحرك مخاوفي ويجعلها أمواجاً متلاطمة من مشاعر الشك والذعر. لم أستطع النوم. وعندما أنظر إلى المرآة بعد ليلة قلقة، أرى وجهاً أصبح غريباً وبائس بسبب شدة مشاعر القلق المستمرة. كان لدي شعور بأنني ربما أنهار في وسط تلك الدوامة من الزبائن والأسئلة والمخاوف والإشاعات، فأبكي مثل الطفل.

ثم حدث شيء ما. كان مهماً وقد ملأ الصفحات الأولى من الصحف، وهو أيضاً بخصوص الغموض الذي يحيط موت الآنسة (بورتيوس)….
(8) الجزء الأخير….

لم أستطع النوم. وعندما أنظر إلى المرآة بعد ليلة قلقة، أرى وجهاً أصبح غريباً وبائس بسبب شدة مشاعر القلق المستمرة. كان لدي شعور بأنني ربما أنهار في وسط تلك الدوامة من الزبائن والأسئلة والمخاوف والإشاعات، فأبكي مثل الطفل.

ثم حدث شيء ما. كان مهماً وقد ملأ الصفحات الأولى من الصحف، وهو أيضاً بخصوص الغموض الذي يحيط موت الآنسة (بورتيوس). لقد عثرت الشرطة على الرجل صاحب ربطة العنق الصفراء. فكان نبأ مثيراً.
كان الرجل منتجاً مسرحياً، واسمه (بريدو) وقد عثرت عليه الشرطة في (بريتون). وكونه يحمل اسماً فرنسياً وأنه عثر عليه في (بريتون) جعل الرأي العام يراه بأنه القاتل للآنسة (بورتيوس).

ولكن كان لديه تفسير لوضعه. فهو لم يأتِ مباشرة لأنه كان خائفاً وهذا طبيعي إلى حد ما. ويقول أن الآنسة (بورتيوس) صديقته تربطه بها علاقة قديمة، وقد أزعجه موتها جداً. وصحيح أنه قابل الآنسة (بورتيوس) قبل موتها لأنها دعته أن يأتي ويراها. كانت محتاجة للمال فعملها في حانوت القبعات النسائية لا يغطي مصاريفه. وكانت تخشى من الإفلاس، ووفقاً لما قال (بريدو) أنها هددت بالتخلص من حياتها. ووعدها (بريدو) بقرضها بعض المال ورجع إلى لندن في وقت مبكر من ذلك المساء. لقد استطاع إثبات رجوعه إلى لندن. وقد أثبت ذلك حمال العفش الذي كان في فندقه. وثبت أيضاً أن أناس رأوا الآنسة (بورتيوس) على قيد الحياة تتمشى في ملعب الغولف في وقت متأخر عند الساعة الخامسة من ذلك اليوم. وحمال العفش الذي في الفندق تمكن أن يثبت أن (بريدو) كان في لندن في ذلك الوقت.
فكانت النهاية. لقد ثبت بدون أدنى شك أن الآنسة (بورتيوس) تخلصت من حياتها. وفجأة كل ذلك الغموض والإثارة والرعب والذهول بخصوص موت الآنسة (بورتيوس) أصبح لا شيء. فلم تعد الصحف تهتم بها مطلقاً ولم يظهر اسمها عليها مجدداً.

وأنا الآن لا أعيش في (كليبول). فكل تلك الإشاعات الغريبة وغير المفهومة كافية لدفعي نحو الجنون، ولكنها أيضاً كانت كافية لقتل زوجتي. فهي كانت مثلي لم يكن باستطاعتها النوم، وصدمة الحدث جعلت حياتها منهدّة الأركان كالعظم البالي.لقد قتلتها الإشاعات والصدمات العصبية ومشاعر القلق، وقد ماتت مباشرة بعد ثبوت سبب موت الآنسة (بورتيوس). وبعد شهر تركت العمل وتركت البلدة. لم أستطع التحمل. في الأسبوع الأول قبل موتها كان لدي ثلاثة أشخاص في المحل. وكل تلك الدوامة من الفضول استحالت إلى عدم اهتمام. فلا أحد يريد أي شيء مطلقاً. ولم يتوقف أحد قط ليحدق بنوافذ الآنسة (بورتيوس).

مسكينة الآنسة (بورتيوس). لقد تخلصت من حياتها بسبب إفلاسها، وهي في حالة من اليأس. لا يمكن لأحد أن يضيف أكثر من ذلك. ولكن لم يصدق أحد ذلك وأعتقد أن قليل جداً من الناس سيصدقون. ففي (كليبول) يروق لهم الاعتقاد بأنها قد قتلت، وهم يعرفون لأن الصحف قالت بأنها امرأة غريبة الأطوار، ويعرفون أنها مثلت في مسرحية مع رجل أسود، ويعرفون أنها امرأة منحرفة وكانت حاملاً وأن شخصاً ما قتلها لذلك السبب بالرغم أن أحداً لم يقل هذا الكلام، ويعرفون أنها تسمح للرجال بالصعود من الدرج الخلفي لمبناها فيما مضى ويروق لهم الاعتقاد بأنني كنت واحداً من هؤلاء الرجال، ويعرفون بأنني وجدتها عارية في الحمام وأنني غريب الأطوار قليلاً وأنني أعرف أكثر مما أقول.
وباختصار إنهم يعرفون كل شيء حدث للآنسة (بورتيوس)، ولكن لن يعرفوا أبداً حجم معاناتي.

…انتهت…

تمت الترجمة في شهر ذي القعدة من سنة 1421هـ وقد أهداها مترجمها فاضل إلى أخته واحه في شهر صفر من سنة 1422هـ.

الأن التحليل
أ)

هذه القصة من القصص الواقعية التقليدية، والتي تعكس وضعاً اجتماعياً معيناً. وفي القصة التقليدية يمر الحدث بثلاث مراحل 1- البداية 2- الوسط 3-النهاية

إلا أن قصص الحداثة الأخرى لا تلتزم بهذه المراحل كالقصة التجريدية وقصة اللامعقول والقصة العبثية وربما القصة التعبيرية أيضاً…

ولنر بداية القصة وكيف سبكها المؤلف…

بداية القصة

بدأ المؤلف بتصوير وضع الآنسة (بورتيوس) والغموض الذي يلفها. فهو لم يكتفِ بوصفها بأنها غامضة فيعطينا تقريراً مباشراً عن حالتها ويكرر كلمة غامضة ، غامضة، حتى ينطبع هذا الغموض عنها لدى القارئ بسبب الكلمة نفسها. فغموضها شيء أساسي وليس ثانوي هامشي ليكتفي بالقول أنها غامضة فقط. فقط قرر غموضها عندما اقتربت القصة من نهاية القصة وبعد أن أحاطها بكثير من التساؤلات.فقال (وكون الآنسة (بورتيوس) لديها اسمان جعلها محاطة بجو من الغموض والازدواجية) (انظر الجزء 6)

وكما قلنا ،المؤلف لجأ إلى تصوير غموضها وانعزالها. فراوي القصة يقول أنها لم تتحدث معه قط بالرغم من مجاورة حانوته لحانوتها منذ خمس عشرة سنة، ويكاد يجزم بأنها لم تتحدث مع أحد في البلدة. وأشار بأن سبب ذلك ليس من تكبره هو وزوجته بل بسبب طبيعة الآنسة (بورتيوس) الانعزالية.

ثم أعطانا معلومة عنها بأنها مثلت في مسرحية. ولكن هذه المسرحية لا تعطينا إيضاحاً عن الحياة الشخصية لهذه الممثلة بل كما نقول (تزيد الطينة بله). فهناك تساؤلات طرحها الراوي تزيد من غموضها ( فأين مثلت وفي أي مسرحية وأي مسرح ومتى..؟؟؟)

ثم ذكر بعض صفاتها. فهي كما يقول متكبرة . وهذا انطباع ذاتي من الراوي لأن الشخص المنعزل والذي لا يتكلم مع أحد، عادةً يعطي إيـحاءً لمن حوله بأنه شخص متكبر.

وأما وصف مظهرها فإنه يعطي نوعاً من الغرابة حولها. وكذلك لبسها للشيفون الرقيق في أيام الشتاء الباردة وفراء الثعالب في أيام الصيف الحارة. بالإضافة إلى وجود قبعة واحدة فقط معروضة في محلها وقد جعلها الراوي تجسيداً ورمزاً لوحدة وانعزال الآنسة (بورتيوس).

كل ذلك جعلنا كقراء نشعر بغموض هذه المرأة وغرابتها. والمؤلف لم يذكر هذا التوصيف فقط تفنناً في توصيف الغموض والغرابة، بل أن هذه العناصر تخدم القصة وتدعم تطور الحدث كما سنرى في وسط القصة.

فهو إذن صور لنا هذه الشخصية الانطوائية تصويراً فنياً. قد يقال أن قدومها على الانتحار لا مبرر له مادام أن صديقها وعدها بأن يقرضها مالاً قد يجنبها الإفلاس. ولكن الصحيح أن هناك ما يبرر تصرفها هذا ؛ ألا وهي شخصيتها الانطوائية الانعزالية. فالشخص الانطوائي الانعزالي تسيطر عليه مشاعر اليأس والإحباط ومن ثم الشعور بتمزق الذات بسهولة مما قد يدفعه للانتحار.

وحاول المؤلف أن يكون موضوعياً في الحكم على هذه الشخصية إلى حد ما؛ بحيث لا يؤثر حكمه الذاتي على حكم القارئ. فعندما سأل أحد الصحفيين (سبريك) إن كانت مجنونة، نفى ذلك. وقال بأنها غريبة قليلاً بتردد والذي يدل على تردده انقطاع جملته أثناء كلامه (لا أنا… إنها غريبة قليلاً) (انظر الجزء 4) ولكن عندما سأله إن كانت غريبة الأطوار أجابه بأنه لا يمكنه أن يجزم على ذلك وترك الحكم مفتوحاً بدون جزم.

وكذلك نجد (سبريك) كان حذراً في إصدار الأحكام في موقف آخر. فعندما أبدت زوجته اهتمامها بأمر الرجل صاحب ربطة العنق الصفراء، و(سبريك) غير مهتم بهذا الموضوع.، قال بتحفظ وهو يخاطب القارئ "يمكنك القول أنها فضولية قليلاً" (انظر الجزء 2)، ولم يعطِنا تقريراً جازماً بحيث يقول مباشرة "إن زوجتي فضولية.". وفي رأيي أن هذه الجملة غير ضرورية ولو أن الراوي قالها بتحفظ. ويمكن الاستغناء عنها بحيث لا تؤثر على القصة. فلو ترك الحكم للقارئ فربما يحكم عليها بأنها فضولية أو قلقة بشأن الممثلة أو أنها مرتابة في أمرها وغير ذلك من احتمالات.

ونرى تحفظه أيضاً في حكمه على ما نشر في الصحف التي نقلت عنه كلامه، فقد قال "هذه القصة تنسب إلي ولكنها نوعاً ما ليست حقيقية كما يبدو ذلك من الصحف" فهو لم يقرر أنها غير حقيقية ولكنه بقليل من التحفظ قال نوعاً ما ليست حقيقية بناء على ما يظهر مما كتبته الصحف. فالصحف نقلت كلامه ولكن أسلوب نقلها لكلامه ربما جعله يخلع ثوب الحقيقة.

ربما المأخذ الوحيد على تسلط الراوي في إصدار الأحكام، حكمه على الممثلة بأنها متكبرة، فكما قلنا أن ذلك حكم ذاتي وليس موضوعي ولم نر منها ما يدل على التكبر إلا أنها لا تكلم أحد، بناء على حكم الراوي .فكأنه أراد أن ينشأ علاقة بين كونها ممثلة وكونها متكبرة. وربما يكون مفهوم الممثلة أنها متكبرة في مجتمع المؤلف، أي أن الممثلات في مجتمعه معروفات بعدم الحديث مع الآخرين تكبراً وتعالياً عليهم. ولهذا لن ينصدم قراؤه من مجتمعه بهذا الحكم. ولكن هذا الحكم ربما يكون غير مألوف بالنسبة لقراء آخرين.

بالإضافة إلى ذلك قوله أنها تلبس لباسها الغريب للاستعراض فقط.

وقد وصف وضع حانوت الراوي بالنسبة لوضع حانوت الآنسة (بورتيوس). وهذه ميزة تتسم بها القصص الواقعية، وهي الإسهاب في التوصيف الدقيق. ولكن هذا التوصيف أيضاً يخدم القصة. فبسبب هذا الوضع لحانوته بالنسبة لحانوت الممثلة تمكن الراوي الاطلاع ومعرفة حال الآنسة بعد مقتلها.
تكلمنا عن بداية القصة والآن نعود لنتكلم عن وسط القصة…

===========
(ب)

وسط القصة:-

ظهور الرجل صاحب ربطة العنق الصفراء يعتبر بداية التحول في حركة أحداث القصة. وبالرغم من أن الراوي أبدى عدم اهتمامه بظهور هذا الرجل وقال أنه لا يهمه ذلك حتى لو كانوا خمسين رجلاً، إلا أنه أشيع عنه أو شعر بأنه أشيع عنه بأنه هو وزوجته فضوليان يحبان التجسس على الآخرين.

ثم جاء دور المصباح في حمام الآنسة (بورتيوس) في إثارة الشكوك في نفس (سبريك) وزوجته بخصوص حالة الآنسة (بورتيوس)، فدوره مهم وضروري لإثارة اهتمامهما وبالذات الراوي الذي لم يظهر منه اهتمام بالممثلة من قبل.

ثم اكتشف أمر مقتل الآنسة (بورتيوس)، وبمجرد أن وصل الخبر إلى وسائل الإعلام المحلية حتى بادر الصحافيون إلى المكان لنيل السبق الصحفي، وامتلأت الصفحات الأولى من الجرائد بهذا الخبر.

وترى أن هذه الضجة والفضول حول هذه الممثلة لها ما يبررها وقد مهد لها المؤلف على لسان الراوي في بداية القصة. ولنرى هذه الخطوط الرئيسية التي في بداية القصة والتي أثارت كل هذه الضجة والفضول:

1- 1-كون الآنسة (بورتيوس) منعزلة ولا تتحدث إلى أحد من البلدة وحتى الراوي الذي جاورها من خمس عشرة سنة.
2- 2-لا أحد يعرف عن حياتها إلا أنها مثلت ولكن أين ومتى وفي أي مسرح فلا أحد يعرف. وهذه تساهم في إثارة علامات الاستفهام.
3- 3-مظهر شعرها الغريب ولباسها المخالف للعادة- شيفون في الشتاء البارد وفراء ثعلب في الصيف الحار.
4- 4-عدم وجود بضاعة في حانوتها غير قبعة واحدة معروضة.
5- 5-أضف إلى ذلك غموض السبب وراء مقتلها، و من هو الفاعل لذلك، وغموض أمر الرجل صاحب ربطة العنق الصفراء.

كل هذه العناصر اتحدت فيما بينها كقوة محركة وديناميكية لتثير كل هذا الفضول. ومن ثم ظهور الإشاعات والتكهنات بين الناس. فمن الطبيعي أن يظهر بين الناس إشاعات وتكهنات بسبب أمر غامض ومحير.

والذي أشعل نار الفضول بين الناس أكثر هو الصحافة. فكما رأينا، فإن الراوي وجه طعنة للصحافة عندما أشار إلى أنها تأخذ الحقائق والأقوال من الناس ثم تضيف عليها بعض الزيادات لكي تزيد من إثارة الفضول والاستغراب (على فكرة حدث لأخي مثل هذا. فقد أجريت له مقابلة صحفية وعندما قرأ نص المقابلة في الجريدة رأى كلاماً لم يتفوه به أبداً)

ولا تمتنع الصحافة من نقل أي معلومة ولو كانت ضعيفة مادامت تشكل نوعاً من الإثارة. كما رأينا فإن (سبريك) لديه معلومة عن تمثيل الآنسة (بورتيوس) في مسرحية (أوثيلو)، إلا أنها معلومة غير أكيدة ، وبالرغم أنه طلب من الصحافيين أن لا يكتبوا عنه هذا الخبر إلا أنهم كتبوا ذلك في دفتر ملاحظاتهم. وهو لم يقل أنها مثلت بدور دزدومونا أبداً، بل هم من سألوه هذا السؤال ولم يعطوه فرصة للكلام فطرحوا عليه أسئلة أخرى.

وقد نقل لنا الراوي صورة عن هؤلاء الصحافيين أفسرها أنا كقارئ بأنها قلة ذوق منهم. لم يقل الراوي ذلك كتقرير مباشر عنهم ولكنني كقارئ لي الحرية في الحكم على تصرفهم، وقد يفسر قارئ آخر تصرفهم بحكم آخر. هذا المشهد نراه عندما جاء ثلاثة رجال ومعهم آلات التصوير فدخلوا الفناء الخلفي لحانوت (سبريك) لكي يصوروا نافذة حمام الممثلة، من دون أن يأخذوا إذناً منه في الدخول إلى الفناء.

وكذلك يتكرر المشهد عندما رأى الراوي أربعة صحافيين يريدون التحدث إليه.وقبل أن يتفوه بشيء اندفعوا داخل المحل بدون أن يأخذوا منه الأذن بالدخول. وكذلك عندما تحدث عن لون شعر الآنسة (بورتيوس)، شبهه أحدهم بلون الجزر من باب المزاح والسخرية، ولكن المسكين (سبريك) كما نقول بالعامية (هو مش فاضي لنكتهم ومزاحهم، هو يبغى تنتهي هذه المقابلة علشان يترزق الله). فبالإضافة إلى إشغالهم له عن الالتفات إلى عمله كبائع، قاموا بإغلاق باب الحانوت وكأنهم من رجال الشرطة مصرح لهم رسمياً بذلك.

وحاولت الصحافة لفت انتباه الناس إلى هذه المسرحية الشهيرة (أوثيلّو) وأنها ربما تحققت على أرض الواقع. وهذه المسرحية التراجدية المأساوية وإن كنت قد قرأتها بفصولها الخمسة إلا أنني سأعتمد على مرجع عندي في ذكر ملخصها:

OTHELLO أوثيلّو (عطيل عند تعريب الاسم) هي مسرحية شعرية نثرية في خمسة فصول للشاعر المسرحي وليم شكسبير، …خلاصتها أن عطيل وهو قائد عربي في خدمة حكومة البندقية، قد اجتذب إليه قلب النبيلة الحسناء DESDEMONA دزديـمونا (ديدمونة عند تعريب الاسم) التي أعجبت بشجاعته وبطولته في المعارك الحربية ورضيت به حبيباً وزوجاً. غير أن إياجو (IAGO) وهو أحد ضباط عطيل المقربين إليه، حاول مراودتها وخداعها بالكلام المعسول فصدته عنها بإباء. فعمد إلى الخديعة والنميمة آخذاً بالدس بين الزوجين، موحياً أمام قائده بأن زوجته تميل إلى سواه، وأن قلبها معلق بحب كاسيو (CASSIO) وهو أيضاً أحد الضباط التابعين له، وتتلاحق الأحداث وملابسات محيرة ومضللة تؤدي إلى اعتقاد عطيل بتحول قلب ديدمونة عنه وخيانتها وخداعها له فتأكله الغيرة وتعمي بصيرته. وفي ثورة غضبه يقدم على خنق حبيبته البريئة في سريرها. ولما تسفر الحقيقة من بعد عن وجهها، وتتجلى لعطيل طهارة زوجته، وبشاعة ما اقترفته يداه يقتل نفسه ندماً عليها وتكفيراً عن جريمته.

ولنعود الآن إلى قصتنا…فبسبب توقعات مترابطة بسلسلة واهية، خرجت الصحافة بنتيجة أن الرجل صاحب ربطة العنق الصفراء كان أسمر. ولنرى هذا الترابط في التوقعات. الآنسة (بورتيوس) مثلت في مسرحة، وبناء على قول ضعيف فهي مثلت في مسرحية (أوثيلو)، وربما بدور ديدمونة. إذن ربما تحققت هذه المسرحية على أرض الواقع لأن الممثلة لها علاقة بها والمسرحية تحتوي على مشهد قتل من أجل الغيرة. وقد تظهر نتيجة بأن قاتلها لابد أن يكون حبيبها وهو أسمر لكي يتحقق التطابق بين الواقع والمسرحية. أوثيلو حبيب ديدمونة وهو أسمر. فاستفادت الصحافة من هذه المعطيات الواهية في خلق إثارة أدبية في حادث مقتل الممثلة.

وقد برع الراوي في تصوير دور الصحافة في تضخيم وتهويل أمراً ما وإثارة الاهتمام العام حوله. فالناس في هذه البلدة يرون حانوت الآنسة (بورتيوس) يومياً دون اكتراث أو اهتمام، ولكن بعد هذا الحدث أخذوا يتقاتلون لإلقاء نظرة على حمام الآنسة (بورتيوس)…نعم هو مجرد حمام حاله حال الحمامات الأخرى ولكنهم ينظرون إليه وأفواههم مفتوحة وأعينهم محملقة وكأنهم ينظرون إلى معجزة أو مشهد خيالي. ولم يكتفِ الأمر على أهالي البلدة بل جاء أناس من خارجها تدفعهم رغبة مجنونة للحصول على تذكار لهذه البلدة التي وقع فيها حادث قتل الممثلة الغامضة. وقد كان بعضهم يتذرعون بشراء شيء ما من حانوت (سبريك) أو تصليح شيء قديم فقط لكي يسألوه عن هذه الممثلة فيسمعوا منه خبراً لينفردوا به في روايتهم عنه، فيشبع نهم فضولهم وفضول غيرهم.

وحتى حوانيت الشاي والحلوى فتحت يوم الأحد على غير العادة بالرغم أنه يوم إجازة كما عند المسيحيين.

ثم عرض الراوي لنا دور الغموض وما يسببه من إشاعات في الأوساط الاجتماعية. فلأن الحياة الشخصية لهذه الممثلة غامضة ولا أحد يعرف عنها شيء بالتحديد، قام البعض بالإدلاء بدلوه في الإشاعات لأنه لن يعترض أحد على ما سيقوله عن الممثلة بما أنه لا أحد يعرف عنها شيء لكي يعارضه به .وكما نقول بالعامية (قل اللي تبغى تقول ترى ما أحد حولك). وفي البداية كانت الإشاعات تقتصر على الممثلة، فشاع بين الناس بأن الآنسة (بورتيوس) حامل وربما تخلصت من حياتها بسبب هذا الحمل ولم يكتفوا بذلك بل أنهم كانوا ينسبون بعض الأقوال إلى المسكين سبريك كما فعلت الصحافة فيقول بعضهم (لقد علمت من سبريك مباشرة) .

ثم ازدادت الإشاعات لتتهم المسكين (سبريك) العجوز بأنه متورط بهذا الحمل، وقد تكون له علاقة بمقتلها.فعندما سمع تلك ذلك الكلام في النادي: " إن (سبيرك) العجوز يعرف كثيراً من الأشياء. ألا تعتقد أنه يتردد على الدور العلوي من حانوتها؟ ألا تندهش كم هو غريب بأن يعرف (سبيرك) العجوز لون ثوب نومها جيداً؟"، أصبح (سبريك) في حيرة من هذا الكلام، فهو يرى أن هذا الكلام قد يكون انعكاس لما شاع عنه في البلدة، وقد يكون انعكاس لمخاوفه من أن يشاع عنه ما يسيء إلى سمعته. فالشخص الذي تراوده الشكوك عن نظرة الناس له وعن سمعته، تراه يفسر أحاديث بعض الناس على أنه موجهة ضده وضد شرفه، بسبب خوفه من أن يصدر عنهم كلاماً يسيء إليه وإن لم يكن كلاماً صريحاً.

فأصبحت هذه الإشاعات مثل الهاجس الذي ينغص على (سبريك) نومه ويهدد استقراره.
ج)

نهاية القصة..

ثم ينتقل الحدث إلى نهايته وهي مرحلة حل العقدة أو لحظة التنوير. فقد عثرت الشرطة على الرجل صاحب ربطة العنق الصفراء، وقد قال بأن الآنسة (بورتيوس) هددت بقتل نفسها بسبب خوفها من الإفلاس. وتمكن الرجل من إثبات وجوده بعيداً عن مسرح الجريمة وقت حدوثها. وهنا انكشف سبب مقتلها وكما يقال إذا عرف السبب بطل العجب. فانتهى كل ذلك الضجيج والتكهنات. وملخص كل ما حدث ببساطة أن الآنسة (بورتيوس) تخلصت من حياتها بسبب إفلاسها. وهذا كل شيء. فأصبحت كل التكهنات السابقة مثل قضية حمل الآنسة بورتيوس وقضية أثيلّو وغيرها، مجرد هباء وكلام فارغ لا معنى له.

ولم يعد هناك اهتمام بالآنسة بورتيوس وحمامها. ولم يظهر أي عنوان عنها في الصحف. وانتهى اهتمام الناس بهذا الموضوع وتفكيرهم انصرف عنه. إلا أن المسكين (سبريك) لا زالت آثار هذا الأحداث عليه وعلى نفسيته.

وربما بسبب عقدة الخوف التي في نفسه، لا يزال يشعر بأن الناس لم يصدقوا الحقيقة حتى الآن، وأنهم يعتقدون بما يريدون أن يعتقدوه لا ما تمليه عليهم الحقيقة. لأن الناس بشكل عام يميلون إلى الكلام الذي يثير الاهتمام، والإشاعة تشبع هذا الجانب منهم وأما الحقيقة فهي جافة وليس بها أي لون من الألوان البهيجة. بمعنى آخر يعتقد (سبريك) أن حقيقة ما حدث لن ترسخ في أذهانهم، بل سيرسخ في أذهان الناس ما سمعوه من إشاعات وإن كانوا يعرفون بأن ذلك غير صحيح، لأن الإشاعة ألذ وأطرب لأذهانهم.

والقصة هنا بمعناها العام، تصور دور الصحافة أو وسائل الإعلام بشكل عام، في التأثير على الرأي العام وتوجيهه، وكذلك لهث الناس لمعرفة ما هو مجهول في حياة بعض شخصيات المجتمع. وثالثاً ظهور الإشاعات بسبب غموض الحياة الشخصية لهؤلاء الناس.

وكل هذه العناصر الثلاثة متماسكة في القصة ومسبوكة بطريقة فنية وتتلاقح فيما بينها. ونتيجة هذا التلاقح كان الضحية هو (سبريك) وزوجته. فهو قد تكبد نتائج هذا الحدث وشرب من كأس مرارته هو وزوجته. وحتى بعد أن عرفت زوجته سبب مقتل الممثلة. فإن حسرتها قد زادت لأن حدث مقتل الآنسة سبب لهما متاعب كثيرة لا لذنب إلا لأنهما مجاورين حانوت هذه الآنسة الطائشة. وأما بقية الناس ماضون بسلام غير متأثرين، وكأن ما حدث شيء من التاريخ طوى عليه النسيان ولا علاقة لهم به.

ونحن في دولنا العربية قد لا نشهد هذا النوع من هرولة الصحفيين وراء السبق الصحفي، فهو وإن كان موجوداً إلا أنه ضعيف مقارنة بالدول الغربية. كما رأينا في وسائل الإعلام ملاحقة الصحفيين للأميرة ديانا وهروبها من كاميراتهم الذي تسبب في مصرعها فأصبحت ضحية من ضحاياهم.

ملاحظة أخيرة:- يجد القارئ أن كل جزء من القصة يتناول جانباً من القصة، ولنر ذلك:-

الأول يتناول وضع الآنسة (بورتيوس) وحالتها الغامضة…

الثاني يصور ملابسات مقتلها وظهور الرجل صاحب ربطة العنق الصفراء…

الثالث يعرض كيفية تعامل رجال الشرطة والصحافيين مع الحدث…

الرابع يصور جانباً من طريقة الصحافيين في إجراء المقابلات…

الخامس يشير إلى تأثر الرأي العام بالصحافة ….

السادس يصور ظهور الإشاعات على الآنسة (بورتيوس)

السابع فيه تظهر الإشاعات بحق العجوز (سبريك)

الثامن يصور الهدوء بعد معرفة سبب مقتل الآنسة (بورتتيوس)، وآثار كل تلك الأحداث على (سبريك) وزوجته.

وهي متسلسلة بانسياب جميل…
لاتنسوني من خالص دعائكم

manal232
06-01-2008, 09:04 PM
الشخصيات
Roderigo—A Venetian gentleman; rejected suitor to Desdemona
Iago—Newly appointed ensign to Othello, Moor of Venice
Brabantio—Venetian Senator; father to Desdemona
Othello—The Moorish General; husband to Desdemona
Cassio—Newly appointed lieutenant to Othello
Duke of Venice—Official who appoints Othello in charge of Cyprian mission
Desdemona—Wife to Othello; daughter to Brabantio
Montano—Retiring governor of Cyprus; predecessor to Othello in Cyprian government
Emilia—Wife...

تحليل الشخصيات
Othello -
The play’s protagonist and hero. A Christian Moor and general of the armies of Venice, Othello is an eloquent and physically powerful figure, respected by all those around him. In spite of his elevated status, he is nevertheless easy prey to insecurities because of his age, his life as a soldier, and his race. He possesses a “free and open nature,” which his ensign Iago uses to twist his love for his wife, Desdemona, into a powerful and destructive jealousy (I.iii.381).


زوجته
Desdemona -
The daughter of the Venetian senator Brabanzio. Desdemona and Othello are secretly married before the play begins. While in many ways stereotypically pure and meek, Desdemona is also determined and self-possessed. She is equally capable of defending her marriage, jesting bawdily with Iago, and responding with dignity to Othello’s incomprehensible jealousy.

Iago -
Othello’s ensign (a job also known as an ancient or standard-bearer), and the villain of the play. Iago is twenty-eight years old. While his ostensible reason for desiring Othello’s demise is that he has been passed over for promotion to lieutenant, Iago’s motivations are never very clearly expressed and seem to originate in an obsessive, almost aesthetic delight in manipulation and destruction
وهذا تحليل دقيق لشخصية
Othello
Beginning with the opening lines of the play, Othello remains at a distance from much of the action that concerns and affects him. Roderigo and Iago refer ambiguously to a “he” or “him” for much of the first scene. When they begin to specify whom they are talking about, especially once they stand beneath Brabanzio’s window, they do so with racial epithets, not names. These include “the Moor” (I.i.57), “the thick-lips” (I.i.66), “an old black ram” (I.i.88), and “a Barbary horse” (I.i.113). Although Othello appears at the beginning of the second scene, we do not hear his name until well into Act I, scene iii (I.iii.48). Later, Othello’s will be the last of the three ships to arrive at Cyprus in Act II, scene i; Othello will stand apart while Cassio and Iago supposedly discuss Desdemona in Act IV, scene i; and Othello will assume that Cassio is dead without being present when the fight takes place in Act V, scene i. Othello’s status as an outsider may be the reason he is such easy prey for Iago.
Although Othello is a cultural and racial outsider in Venice, his skill as a soldier and leader is nevertheless valuable and necessary to the state, and he is an integral part of Venetian civic society. He is in great demand by the duke and senate, as evidenced by Cassio’s comment that the senate “sent about three several quests” to look for Othello (I.ii.46). The Venetian government trusts Othello enough to put him in full martial and political command of Cyprus; indeed, in his dying speech, Othello reminds the Venetians of the “service” he has done their state (V.ii.348).
Those who consider Othello their social and civic peer, such as Desdemona and Brabanzio, nevertheless seem drawn to him because of his exotic qualities. Othello admits as much when he tells the duke about his friendship with Brabanzio. He says, -“[Desdemona’s] father loved me, oft invited me, / Still questioned me the story of my life / From year to year” (I.iii.127–129). -Othello is also able to captivate his peers with his speech. The duke’s reply to Othello’s speech about how he wooed Desdemona with his tales of adventure is: “I think this tale would win my daughter too” (I.iii.170).
Othello sometimes makes a point of presenting himself as an outsider, whether because he recognizes his exotic appeal or because he is self-conscious of and defensive about his difference from other Venetians. For example, in spite of his obvious eloquence in Act I, scene iii, he protests, “Rude am I in my speech, / And little blessed with the soft phrase of peace” (I.iii.81–82). While Othello is never rude in his speech, he does allow his eloquence to suffer as he is put under increasing strain by Iago’s plots. In the final moments of the play, Othello regains his composure and, once again, seduces both his onstage and offstage audiences with his words. The speech that precedes his suicide is a tale that could woo almost anyone. It is the tension between Othello’s victimization at the hands of a foreign culture and his own willingness to torment himself that makes him a tragic figure rather than simply Iago’s ridiculous puppet.
لاتنسوني من خالص دعائكم

manal232
07-01-2008, 02:50 PM
لاتنسوني من خالص دعائكم