فراغها احتياط وراحتها مناوبة وفسحتها اجتماع!!
المعلمة رائدة صف: تجلد الطاولات، وتنقش اللوحات وفي سبيل ذلك تجوب المكتبات،
والسائق يتضجر، والزوج يتذمر، لكثرة الجولات وتعدد الصولات، وهو لا يعلم أنها إن لم تفعل، فمديرتها ستحرمها من أعلى الأداءات في تقريرها للموظفات.
عند العودة تحمل في حقيبتها مدرستها، فتتقافز منها ضفادع أشغالها، وتتطاير منها جنادب أعمالها، فوق رأس زوجها وعيالها.
يلومها الزوج: ألا تجدي وقتًا للقضاء على هذه الملمات، في وقت الاستراحات، بدلاً من أن تقرض سعادتنا وتقلق راحتنا؟؟
فترد: ليس لدي وقت في الدوام، لأني في المدرسة لست على ما يرام، فوقتي إما بين جدران الصف، درسًا أو احتياطًا، أو ريادة أو نشاطًا، أو أكون في اجتماع مع المديرة لمناقشة أمور خطيرة، أو قد تزورني المشرفة، لتطلعني على أحدث ما أنتجته المعرفة، أو قد أذهب لأحتسي عند زميلة قهوة، وأقضي عندها هنيهة حلوة، ألست بشرًا يا أخي؟
المعلمة تردد المشرفة على مسامعها: اتركي الطريقة التقليدية ولا تكوني حجر عثرة في ركب المدنية، ومديرتها تقول: أريد درسًا تطبيقيًا، تحضره معلمات منطقتك، ومشرفات إدارتك، بيضي وجهنا وشرفي صرحنا،
ولا تملك إلا أن تقول: حاضر في الحالتين، وإلا ذاقت (بلا) الأمرين.
المعلمة راتبها أقساط و(قَطَةْ)، وبقيته جمعية محكمة الخطة، تمنع الاختلاف وتشد عضد لائتلاف، لأن حصة ستتزوج في الصيف، وسارة تستعد للعيد، وأحلام توشك أن تسكن في بيت جديد، لذا فالجمعية تدعو للتوفير وتحارب بشدة ثقافة التبذير.
المعلمة تسهم في الأنشطة، فتشارك في الحفلات وتحيي جميع المناسبات، تحتفل بالأيام العالمية، وتهلل للمناسبات المحلية، تستخدم في كل ذلك الإبداع، حتى تصل بالحاضرات إلى أقصى درجات الإمتاع.
أيامها شكول، وقلبها من التدريس متبول، وهي في الميدان الجندي المجهول.
المعلمة تكريمها حيرة، لأنه قد يسبب الغيرة في نفس حنان أو منيرة، لذا فهو باب قبيح الأولى أن نسده ونستريح، وليتساوى الجميع في التقريع والمديح، لأن العدالة عمياء.
المعلمة عندما يبدأ المنهج بالاحتضار، ويقترب وقت الاختبار، تهب كأبطال المعركة، لتدخل وسط المعمعة، فتعتكف الساعات الطوال، وتسود أوراقًا كالجبال، وتضع نصب عينيها أن تكون الأسئلة ذات مواصفات قياسية، لتوافق الضوابط العالمية، فتقيس أعلى مستويات الهرم، ولا تترك من المنهج إلا اللمم.
ثم تحضرها للإدارة، التي تردد شريطها المعروف، لا يوجد هنالك مصروف، فالميزانية محدودة، ولأمور أهم معقودة، فتحضر أظرفًا وأوراق، وتصرف عليها بإغداق، يحدوها حسن النية، طارحة سوء الطوية، ولتجانب المشاكل، وتبعد عن نفسها القلاقل، ثم تمكث أمام آلة التصوير، وتبذل في نسخها الجهد الكبير، وأخيرًا تسلمها للإدارة بتوقيع، لتثبت مسؤوليتها أمام الجميع.
المعلمة: الملل صديقها اللدود، لا يفارقها لحظة، في قيامها والقعود، الطالبات يتذمرون ومن الحصة يتضجرن، يعتقدن أنها واضعة المنهج، وأنهن إلى الراحة أحوج، يجأرن من مقررات مملة، ومعلومات بالعقول مخلة، يقلن: نحن في عصر الفضائيات والنت، ومناهجنا تستخدم العجن و(اللت)، وكيف ندخل الجامعة و(القدرات) من القبول مانعة، أو كيف نحصل على النسبة، في ظل هذه الأسئلة الصعبة؟!!
وهي في كل ذلك يتوجب أن تُفعَّل الأساليب التربوية، وتثبت حرصها على العملية التعليمية، فتحتوي المتعلمات، وتخاطبهن بألطف العبارات، لأن الإدارة لا تريد وجع الرأس، والوزارة تريد أن ينجح بنات الناس، ولا للرسوب أو التسرب، أو الضعف أو التهرب، المهم أن تسير عجلة التعليم، دون (بنشرة) أو (تنسيم).
المعلمة...... المعلمة...
المعلمة: فراغها احتياط وراحتها مناوبة وفسحتها اجتماع!!
رااق ليي بقلم : رحمة العتيبي
المفضلات