بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان الفيلسوف الكبير وتلميذه يتجولان صباحاً بين الحقول عندما شاهدا فردتي حذاء قديم مركونتين على
جانب الطريق، وخمنا أنهما يخصان على ما يبدو الرجل الفقير الذي يعمل فى أحد الحقول القريبه، والذي
يبدو إنه على وشك الإنتهاء من عمله.
ألتفت التلميذ إلى الفيلسوف وقال له : ” دعنا نلهو قليلاً مع الرجل ونسخر منه بأن نخدعه ونخبئ الحذاء، ثم
نخفي أنفسنا خلف الشجيرات وننتظر لنرى مدى حيرته عندما لا يستطيع ايجاد الحذاء”.
يا صديقي الصغير – أجاب الفيلسوف- لا يجب أن نسلي أنفسنا أبداً على حساب الفقراء ، وبدلاً من هذا
فأنت تلميذ غني، ويمكن أن تعطي نفسك متعةٌ أكثر من خلال هذا الرجل الفقير، هيا ضع عمله معدنيه
(ذهبيه) فى كل من فردتي الحذاء ثم فلنختبئ ونراقب كيف سيؤثر ذلك عليه.
ونفذ التلميذ ما أمره به الفيلسوف فوضع عمله ذهبيه في كل من فردتي الحذاء، ثم ذهبا حيث وضعا نفسيهما
خلف الشجيرات القريبه بحيث لا يراهما العامل عند قدومه، وطفقا يرقبان الموقف، حيث سرعان ما انتهى
الرجل الفقير من عمله ، وعاد عبر الحقول إلى حيث ترك فردتي حذائه ومعطفه.
وبينما كان الرجل الفقير يضع عليه معطفه دفع بإحدى قدميه إلى داخل فردة الحذاء الأولى، وعندما أحس
بشيء صلب بداخله ، توقف، وانحنى لينظر ماذا يمكن أن يوجد بداخل فردة الحذاء. وعندها، وجد العمله
الذهبيه. بدأ الإندهاش والتعجب على سمات وجهه، وحملق في العمله ، ثم أدارها فى يده، وأعاد النظر إليها
مرات ومرات.
وأخيراً، ألتفت حوله ها هنا أو هناك، ولكن لم يكن أحداً ظاهراً أمامه. ومن ثم، فقد وضع العمله في جيبه، ثم
واصل إرتداء الفردة الثانيه من الحذاء. وفي هذه المره كان شعوره بالإندهاش والمباغته بوجود العمله
الثانيه مزدوجاً .
لقد تغلب شعوره عليه، فلقد ركع على ركبتيه، ونظر إلى السماء وابتهل بصوتٍ عالٍ معبراً عن شكره
الجزيل لرب العالمين الذي يعلم وحده مدى مرض زوجته التي لم يكن لها من يعينها أو يساعدها، وبأحوال
أطفاله الذين تركهم بلا خبز، وأخذ صوته يرتفع بالشكر لله الذي أرسل له هذه النقود من حيث لا يعلم
وكيف إنها ستعاونه على إنقاذه وأسرته من لذغة البرد القارس.
والواقع أن هذا المشهد قد أثر كثيراً فى التلميذ الواقف غير بعيد خلف الشجيرات، حتى أن عينيه قد
أغرورقت بالدموع . ” والآن” – قال الأستاذ لتلميذه - ألا تشعر بغبطةٍ أكثر مما كنت ستشعر به إذا
سخرت من هذا الرجل كما كنت تنوي ؟
أجاب التلميذ الشاب :
" لقد علمتني درساً لن أنساه ما حييت "
المفضلات