فتياتنا و الابتزاز...
مع بزوغ فجر الطفرة التكنولوجية وعصر السماوات المفتوحة ، و ظهور وسائل الاتصالات الحديثة وشبكات الإنترنت والقنوات الفضائية , وقعت الكثير من الفتيات في شَرك قضايا الابتزاز.
تلك الظاهرة التي بدأت في الإنتشار سريعاً كالهشيم في النار , ثم استفحلت وتطورت أساليبها وطرقها، و اتحد الهدف باستغلال الفتاة ماديًا أو جسديًا وانتهاك محارم الله بالسيطرة على قلب الفتاة و عقلها متسبلين إلى ذلك بمعسول الكلام و أرتال المشاعر المزيفة و من ثم إشباع رغبات المبتز.
في (مكتب الاستشارات الأسرية والقانونية بلجنة إصلاح ذات البين النسائية) .. تردنا العديد من قضايا الابتزاز البشعة والتي اشتملت على الإهانة والعنف، بل والتعذيب أحياناً مع التعدّي على العرض، وسلب المال، والأذى الجسديّ والمعنويّ .
وفي معرض الحديث أذكر قصة إحدى الفتيات في المرحلة الثانوية , كانت تعاني ظروف صعبة وأبوين منفصلين , فوجدت ملاذها إلى شاب تعرفت إليه عبر مكالمة خاطئة , وتطورت العلاقة لتصل إلى محادثات فيديو على الماسنجر وتبادل الصور ، لكن الخبيث قام بتسجيل كل مكالماتها معه ، وطلب منها الخروج وحين رفضت وأخبرته بأنها تريد التوقف عن المكالمات ظهر بوجهه الحقيقي، وبدأ يهددها بفضحها ونشر مكالماتها عبر البلوتوث إذا ما حققت مطالبه ، وجاءت تطلب العون والمساعدة وتم تحويلها للهيئة وقُبض على الشخص الذي كان يبتزها ولله الحمد ..
فتاة أخرى ...كادت تهم بالإنتحار خشية الفضيحة و العار.. وبعد تسقّط الأخبار عنها اتضح أنها تورطت بعلاقة مع شاب مستهتر ظنته صادقاً حين ادعى أن قصده شريف وأنه يريد الزواج بها فصدقته و انقادت إليه حتى وقع الفأس بالرأس ...
وغالباً ما يكون الابتزاز مادياً ، أو باستمرارهنّ في العلاقة الآثمة , وحال رفض الفتيات للتهديدات يقوم المبتزّ بإفشاء العلاقة للأب، أو الأخ، أو حتى للزوج ، بل قد يصل الأمر إلى نشرها على الإنترنت.
إن الاستخدام السلبي للتكنولوجيا والتقنية الحديثة عنصر مهم في انتشار هذه الجرائم التي يستغلها ضعاف النفوس لتحقيق أهدافهم الدنيئة في استهداف الفتيات وتهديدهن بالفضائح ...
يقف ضعف الوازع الديني في قائمة الأسباب الدافعة بالفتيات إلى هذا المصير , و يليه اهمال الأهل لرقابة بناتهن و كذا غياب الحوار بينهم ، و فقدان العاطفة والحب في كثير من البيوت مما يحدوهم إلى البحث عن ذلك خارج المنزل .
و لا ننسى ما للفراغ من أثر بالغ في الانحراف الخلقي ..
لذا لا بد أن نقي فتياتنا من الوقوع في براثن الابتزاز بتقوية الوازع الديني في نفوس الأبناء , وتغذية أرواحهم و قلوبهم بالعطف والحنان و على الأخص الفتيات لحاجتهن الماسة إليه حتى لا نجبرها للبحث عما يشبعها عند الآخرين ..
على الأم أن تكون صديقة لابنتها، و على الأب أن يُدلل ابنته بجميل القول و لطيفه و يغرقها بالحب
حتى يكون هو الرجل الأول في حياتها .. و التنبيه و الحرص من استخدام أجهزة الجوالات في تصوير أفراد العائلة من الإناث خصوصاً؛ لأنه قد يُفقد الجهاز أو يُسرق فيقع في أيدي من لا يخافون الله.
و نشد و نهيب على الفتاة التي قد تقع ضحية ابتزاز بالإسراع لإخبار الأهل و مصارحتهم أو حتى أحد المكاتب الاستشارية في حال عدم القدرة على مصارحة الأهل بحقيقة الأمر ليتم إبلاغ الجهات المعنية كهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فالهيئة تتعامل مع مثل هذه القضايا بسرية تامة جداً بحيث تحافظ على سمعة هذه الفتاة وتخلصها من شر هذا المبتز ...وقانا الله وإياكم شر الفتن والمنكرات.
رويده محمد صديقي
مستشارة قانونية
المفضلات