سادساً ... استراتيجيات تعلم / تعليم اللغات :
- يسود افتراض بشكل عام، في تدريس اللغة الثانية، أن الفهم الاستماعي يشتمل على حاسة السمع فقط. غير أن الأبحاث الحديثة التي أجراها بعض الباحثون في مجال الإدراك الكلامي قد أوضحت خَطَأ هذا الرأي. علاوة على ذلك يؤمّن القرآن الكريم على الوظيفة الأساسية للمعلومات السمعية والبصرية في الإدراك البشري بشكل عام وفي الإدراك الكلامي على وجه الخصوص.
- ان فهم النص يجب أن يكون عن طريق فهمه من الجزء الى الكل ومثال على ذلك فهم الحرفثم الكلمة التي في النص ثم النص كله ، فنحن نعلم أن كثيرا من الصم يفهمون الكلماتولكنهم لا يستطيعون فهم الكلمات المرصوصة في النص المكتوب .
- يجب أن يكون هناك هدف واضحا في القراءة بحيث تكون لديه خبرة حياتية فهناك النظريةالتفاعلية و التي تقول ان فهم الاشياء يأتي عن طريق الخبرة الحياتية المأخوذة منالكتب المختلفة .
- تخصيص حصص معينه في مادة اللغة سواءً كلغة ثانية أم أولى وهي للقراءة و الكتابة فقط ، ومثال على ذلكاستطاعت دولة فنلندا أن تنجح في هذه الطريقة إذ قام المعلمين بتخصيص حصص يوميةللقراءة و الكتابة مما ساعد على اتساع افقهم ومداركهم .
- لابد أن يقوم المعلم بتعليم الطلبة الصم مفردات التشبيه و التي يفتقر إليها أغلبالصم مثال على ذلك ( جمل – ناقة – سفينة الصحراء ) سفينة فالشيء المشترك بين سفينةالصحراء و السفينة هو السفر وقوة التحمل . وعدم اللجوء إلى التعابير البلاغية والاستعارات و التشبيهات الضمنية في اللغة المقدمة للصم في البداية وجعلها أكثر وضوحا .
- البدء في تعليم الصفات وهذا مبدأ مهم في تعلّم أي لغة بالعموم وأشد أهمية لدى الصم حيث أنها تمثل الأمور الأساسية عندهم والتي لها قيمة في حياتهم مثال ( غشاش – صادق – حرامي – أمين – أخلاق – مؤدب ... ألخ ) و التفريق بين معاني هذه المفردات.
- أثر القراءة الحرة في إثراء حصيلة التلميذ اللغوية والإنشائية . بحيث يقومالتلميذ بإختيار أحد الكتب التي تعجبه ويحبها وميوله او هواياته ويقرأ الكتاب حتىيكون لديه حصيلة لغوية فعن طريق القراءة ينمى الأصم ثقافته. وأفضل الطرق لتحقيق ذلك أن يتبع أسلوب استعارة الكتب الشيقة من المكتبة المدرسية من قبل الطلبة الصموقرائتها بالمنزل ومن ثم يسأل المعلم في اليوم التالي عن ما قرأه من هذا الكتاب ومافهمه
- علي المعلم البدء بموضوع الاملاء للكلمات القصيرة ثم القراءة فالانشاء فالقواعد .ابدأ بالاملاء المنظور بهذه الطريقة تتأكد من ان الطلبة يدركون معنى فهم الكلمة من حيثالشكل(التركيب) ، ومن المناسب جدا عرض صورة او اكثر لتوضيح معنى الفقرة القصيرة اوالجملة. حيث يسهل على الصم فهم الفقرة او الجملة القصيرة، لانها تساعدهم فيتشكيل صورة عن الموضوع وتتفادى مشكلة سرعة الملل التي قد تواجههم في تعلّم اللغة و مهاراتها.
استراتيجية الدماغ كاملاً whole-brain :
من المعلوم مسبقاً أن الدماغ البشري ينقسم إلى قسمين الأيمن و الأيسر ، وعمليات التفكير تكون موزعة بينهما حسب ما يعالجه كل قسم ، والجدول التالي يوضح ذلك :
الإيقاع
الخيال
أحلام اليقظة
الألوان
الأبعاد
الوعي المكاني
التشكيل(الصورة الكاملة)
النصف الأيسر
المنطق
الكلمات
القوائم
الأرقام
التتابع
الخط
التحليل
إلا أن الأبحاث مؤخرا أثبتت أننا نستخدم كلا النصفين ، وخاصة أثناء التعلّم والتعليم فلابد من الاستفادة من كلا الجانبين ، وما نود الإشارة إليه هنا تحديداً أهمية هذه الاستراتيجية في تعلّم لغة جديدة وبخاصة لدى الصم و ضعاف السمع.
وهي استراتيجية جميلة جداً وتشتمل على أفضل المبادئ الهامة في التعلم و التعليم سويةً بدءاً من الامتثال للقوانين ومروراً بإقران الحواس و انتهاءً عندَ تطبيق استراتيجيات التعلّم التعاوني، فهي تحفّز جانبي الدماغ للعمل سويةً في اكتساب أي معلومة لغوية كانت أم غير لغوية فمثلاً نجد أثناء تعليم الأشكال للطفل باللغة الإنجليزية فإن المعلم يستخدم يديه لعمل شكل المثلث في الهواء مع لفظ كلمة triangle في نفس الوقت و التلاميذ يكررون العملية معه بحيث يستخدمون أيديهم دائما مما يبقيهم على تواصل بصري وانتباه و تركيز مع المعلم فيما ستكون إشارته التالية أو إيماءته وحتى تنغيمه للمفردة والذي سيكررونه بنفس الطريقة أو ما إلى ذلك.
البصر جزء مركزي من عملية السمع:
يقوم الرضيع، منذ بلوغ الأسبوع الثامن عشر في المرحلة قبل الكلامية، بمحاكاة حركات الفم عند الكبار وذلك بربطه لحركات نطقية محددة للكبار مع أصوات كلامهم، ويزعم دود (Dodd, 1987) بأن الرضع يطورون إدراكهم الكلامي اعتمادًا على كل من المعلومات السمعية والبصرية. فإن كان هذا صحيحًا فإننا نتوقع أن يواجه الأشخاص المولودون عميًا الذين يعجزون عن رؤية طريقة نطق الأصوات، مصاعبَ في كل من التمييز النطقي وفي التطور الفونولوجي، وفي حقيقة الأمر فقد وجد ميلز (Mills,1987) أن الأطفال المعاقين بصريٌّا تكون استجاباتهم الصحيحة للأصوات التي أماكن نطقها مرئية مثل (/b,/p/,/m/,/f/, >/) أقل بكثير من الأطفال المبصرين. إن عجزهم عن ملاحظة حركة الشفاه يؤدي إلى تقليل اكتساب الأصوات، علاوة على هذا فإن الأخطاء التي يرتكبها الأطفال المبصرون وتلك التي يرتكبها العمى تتباين في طبيعتها، تكثر أخطاء الأطفال العمى أحيانًا عند الأصوات التي تزداد فيها أهمية مكان النطق، بينما الأصوات التي تزداد فيها أهمية طريقة النطق ـ وبالتالي تكون أكثر سهولة لأن تسمع ـ تبدو أقل صعوبة على الاستيعاب عند الأطفال العمى. وبذا فإن فقدان البصر يجعل بعض الأصوات ـ تلك المتعلقة بمكان النطق ـ أكثر صعوبة لأن تدرك. وعلينا وضع هذه النتيجة في اعتبارنا في حالة متعلمي اللغة واكتسابهم الفونولوجي فالمعلومات البصرية مهمة بنفس القدر عند الاستماع.
كذلك أجريت الأبحاث على كل من الصم وعلى من يتمتعون بحاسة السمع (المبصرين). وأتت النتائج لصالح المعلومات البصرية ودورها في إدراك الكلام. وقد زعمت نظرية إدراك الكلام أن الجهاز البصري يأتي إما كجهاز مساند يكون قيد الاستخدام عندما تتدهور الإشارات السمعية بشكل ما ـ كما في حالة الصم أو من يعانون مصاعب في السمع ـ أو أن البصر يمثل جزءًا مركزيٌّا في إدراك الكلام تحت أي ظرف كان. كما اتضح أيضًا أن حركات الشفاه خاصة ذات أهمية في إدراك الكلام، وقد كانت الخلاصة التي توصل إليها الباحثون في نهاية الأمر إلى أن فوائد البصر تتضح أكثر عندما يصعب إدراك الكلام بشكل ما (مثلاً تقديم مدخل من لغة أجنبية).
إضافة إلى ذلك يمتلك البشر مقدرة خاصة على تذكر الصوت في ذاكرتهم قصيرة الأجل لفترة وجيزة بعد سماع الصوت ويستطيع السامع اختبار قدرته هذه بكل السهولة بملاحظة أن الكيفية التي قيل بها شيء تظل متاحة لثواني عديدة بينما أي شيء قد أبصر يختفي بمجرد زوال المحفز، ولم تنل هذه القدرة اللافتة للنظر رغم أهميتها في تعلم اللغات إلا قليلاً من الانتباه حتى يومنا هذا، غير أنها تمكن الإنسان من تذكر الأقوال اللسانية بشكل يسمح بمعالجتها ككل وليس كأجزاء متفرقة. وهنا تجدر الإشارة إلى أهمية التدرج في تعليم المفردات النابعة من نفس الأصوات التي تعلمها الطفل توًّا ،فالطفل الذي تعلم 10 كلمات لا يستطيع قراءة إلا 10 كلمات بينما الذي يتعلم 10 أصوات يستطيع إنتاج أكثر من 10 كلمات كما في الشكل التالي كمثال:
الأصوات التي تعلمها التلميذ
الكلمات التي يستطيع قراءتها
A
M
T
S
I
F
D
R
O
G
Am
At,mat,tam
Sat,Sam,mats,tams,mast
Sit,Tim,mitt
Fit,fits,fat,fist,sift
Sid,mad,sad,fad,mid,dad,did
Ram,raft,rat,rid.draft
Tom,Todd,rot,sod,mom
Fog,fig,rig,tag,rag,got,dog,gas,dig
يجب إعطاء المدخلات اللغوية الشفوية الأولوية في المراحل المبكرة للأسباب الآتية: يبحث أولاً متعلمو اللغة الثانية واللغة بشكل عام، والمتعلمون الكبار بشكل خاص، عن المعنى في عملية اكتساب اللغة. ويحتوي رصيد متعلمي اللغة الثانية على الجانب الدلالي للأفكار التي يتوقع منهم تعلم شكلها اللفظي (مسماها) في اللغة الثانية. وتعتبر الأشكال اللفظية (الفونولوجية) لهذه الأفكار غريبة بالنسبة لمتعلمي اللغة الثانية من الكبار. فالتمثيل الصوتي للكلام هو أول ما يطرق آذان متعلمي اللغة ولهذا السبب يستطيع المتعلمون التركيز على اكتساب الأشكال الصوتية للرسالة، يعتبر المدخل السماعي في اللغة هو في الأساس الأصوات الشفوية التي تدرك عن طريق الجهاز السمعي فقط، وهذا يتطابق مع تمثيل القرآن للمعلومات الشفوية وتقديمها على المعلومات البصرية.
إذا تبين أن المدخل اللغوي قد استوعبه المتعلم وأنه كافٍ من الناحية النفسية التعليمية فسوف يبقى النحو الضروري في عقل الطالب كجزء من المحتوى اللغوي الكامل الذي تم تجسيده في الداخل ولا يحتاج معلم اللغة إلى تدريس التراكيب اللغوية وذلك لأن ملكة المتعلم اللغوية سوف توفر المقادير الكافية والمأخوذة من المدخلات السمعية والبصرية.
استراتيجية اللغويات التقابلية :
هناك فرع من علم اللغة يدرس وجوه التشابه ووجوه الاختلاف بين لغتين لا تنتميان إلى العائلة اللغوية نفسها. وتتم المقارنة بين اللغتين موضوع الدراسة من الجوانب الصوتية أو الفونيمية أو الدلالية أو المصرفية أو النحوية أو اللفظية لتوظيف هذه المقارنة في تعليم إحدى اللغتين أو لأغراض علمية بحتة. يقارن علماء اللغة بين اللغات لأسباب عديدة ، منها مقارنة لغتين (أو أكثر) بهدف ملاحظة أوجه اختلافها. ويسمى هذا عادة "علم اللغة التقابلي" Contrastive Linguistics. ويفيد هذا العلم في تحديد الصعوبات التي قد يواجهها متعلم مبتدئ لإحدى اللغات الأجنبية. وتقوم فكرته على مقابلة فصيلة من فصائل اللغة الثانية سواء النحوية أو كمفردات بمثيلها من اللغة الأم فبالتالي هو منهج تعليمي و في تعليم اللغات بشكل خاص.
المفضلات