مفاهيم لغوية: علم اللغة التقابلي Contrastive Linguistics
بقلم: غابرييل رايس
ماذا نعني بعلم اللغة التقابلي؟ أنه واحد من العلوم التطبيقية التي تهتم بدراسة مكونات اللغة ومايميز بعضها عن البعض الآخر ، فهذا الحقل المعرفي يدرس علم الصوت وتكوين الكلمات morphology ومعاجم المفردات اللغوية وبناء الجملة syntax وعلم الدلالة semantics وكذلك علم التواصلية (أستخدام اللغة وفق القرينة المناسبة) pragmatics.
ومع أن علم اللغة التقابلي يشغل احدى أهتمامات علم اللغة التطبيقي فأن هذا الأخير يحتضن علوما لغوية أخرى عديدة منها علم اللغة المقارن comparative linguistics. تجدر الأشارة هنا أن علم اللغة المقارن يعمد الى مقارنة لغتين تنتميان الى الأصل نفسه أو لهجتين تتفرعان من اللغة ذاتها فيما يعكف علم اللغة التقابلي على تشخيص أوجه الشبه والأختلاف بين لغتين أو أكثر من أصول متباينة ؛ فعلى سبيل المثال ربما يعمد علم اللغة المقارن الى عقد مقارنة بين اللغتين الأنكليزية والألمانية أو العربية والعبرية أو اللغة الأنكليزية القديمة المتداولة في زمن بيوولف Beowulf مع اللغة الأنكليزية المتوسطة Middle English زمن تشوسر Chaucer ، فيما يسعى علم اللغة التقابلي الى دراسة اللغتين الأنكليزية والعربية بهدف تحري مايجمع بينهما من أوجه شبه ومايميزهما من أختلافات.
من جانب آخر هناك الكثير من أوجه التماثل بين اللغتين الأنكليزية والألمانية أو اللغتين العربية والعبرية لكونهما من اللغات السامية ، فعبارة My name is … الأنكليزية تتوائم مع نظيرتها الألمانية Mein Name ist … ، وهناك العديد من أوجه الشبه بين اللغتين العربية والعبرية.
وأذا ماعقدنا مقارنة بين اللغتين الأنكليزية والعربية فأننا نلاحظ وجود أختلافات أكبر بينهما على حساب أوجه الشبه ، ففيما تستخدم اللغة العربية أداة التعريف (أل) بدخولها على الأسماء المجردة abstract nouns فأن مثل هذه الأسماء في اللغة الأنكليزية لاتحتاج الى أدوات تعريف أو أدوات تنكير كما في المثال الآتي:
We must strive to achieve piece.
وفي مجال تعليم اللغات يقدم علم اللغة التقابلي العون للمدرسين في تطوير موادهم الدراسية ، كما أنه يعين المترجمين من خلال توسيع معارفهم وتعزيزها أثناء التعامل مع كل من اللغة المترجم منها واللغة المترجم اليها. فضلا عن ذلك يمد هذا الحقل اللغوي يد العون الى متعلمي اللغات الأجنبية من خلال معالجة الأخطاء الشائعة ومحاولة تحاشيها خاصة فيما يتعلق بتاثير اللغة الأم. من هنا نخلص الى القول الى أن تعمّق معرفة الناطقين باللغة العربية الذين يتعلمون اللغة الأنكليزية باوجه الأختلافات وكذلك أوجه الشبه بين اللغتين لابد أن تجعل منهم متحدثين أو مترجمين أفضل قدرة وأكثر كفاءة.
المفضلات