النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: قصة القطار الازرق ........؟

  1. #1
    انجليزي مبدع الصورة الرمزية **الدلوعه**
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    الدولة
    اليابان
    المشاركات
    850
    معدل تقييم المستوى
    108

    قصة القطار الازرق ........؟

    ١روسيا قصه القطار الازرق
    التق يت " ب نادية " لأول م رة بف ندق أوآ رانيا ف ى مدي نة
    موس كو ، و آان ت واقف ة ف ى الص ف أمام عاملة المقصف ، وتحاول
    أن تجعله ا تفهم بالإشارة وبكـل وسائل التعبير ما تريده من أصناف
    الطع ام ول م ت نفع ه ذه الوس يلة ، فتلف تت نادية إلى ناحيتى وأشارت
    إل ى الأطباق التى أمامى على المائدة لتأتى لها العاملة بمثـلها تماما
    ..
    ولم ا ت ناولت ا لطع ام م ن ف وق ال رف واستدارت ، بحثت بعينيها
    ع ن مائ دة خال ية ، فلم ا ل م تج د ظه ر عل يها الض يق ، فل وحت له ا
    ب يدى لتتفض ل وتجل س إل ى مائدت ى ، فجلست تأآل افطارها صامتة
    بعد أن عبرت لى عن شكرها بهزة خفيفة من رأسها .
    وتص ادف بع د ذل ك رآوب نا المص عد مع ا وه و ص اعد ون ازل ف ى
    طواب ق الف ندق ، وآان ت تف تح عين يها الس وداوين عل ى س عتهما
    وتح دق ف ى وجه ى آمـ ا آ نت أفع ل م ثلها فى صمت دون أن نتبادل
    آلمة واحدة .
    وتقابل نا س اعة الظه ر ف ى " الج وم " وآان ت م ع رفيقة لها فى
    م ثل أناق تها وش بابها وحيوي تها ، وم ع أن رفيق تها بدت لى روسية
    خالص ة .. ولك نهما تاه تا مثل ى ف ى ط رقات المتج ر ، فق د آ نا نل ف
    ٢
    جم يعا ون دور ف ى ه ذا الت يه دون أن نه تدى إل ى ب اب الخ روج ..
    وآلما تقابلنا ابتسمنا ابتسامة تجمع بين المرارة والعجز ..!
    وآ نت آلم ا رأي تها نس يت م ا أن ا بس بيله .. وأش عر بأن ى سأظل
    عل ى اتص ال دائ م به ا آلم ا تح رآت ف ى قل ب المدي نة الكبي رة ، وأن
    ص ورتها ل ن تب رح خيال ى أب دا ، وب دا ل ى جل يا أنه ا تدعون ى ولا
    تستطيع التعبير عن ذلك بالإشارة ولا بالكلام .
    وف ى ص باح ي وم وقف ت عل ى ب اب المص عد ف ى ال دور التاس ع
    آعادت ى لأن زل إل ى الطاب ق الأرض ى وآ ان السهم يشير بأنه نازل ..
    فض غطت عل ى ال نور ، ولم ا وص ل طابق ى وف تح ال باب ، وجدت ه
    ممتل ئا آله بالنساء من المضيفات اليابانيـات وغيرهن .. وليس فيه
    موض ع ل ى .. فبق يت مكان ى .. وأش رت للعامل ة ف ى أس ف .. ب أن
    تواص ل ط ريقها فى النـزول .. ولكنها لم تفعل وظل الباب مفتوحا ..
    وسمعت صوت نادية من الداخل يردد مع صوت العاملة :
    ـ تعال .. come بالإنجليزية ..
    فدخلت وسط هؤلاء الفتيات وأنا شاعر بالخجل ، وظللن يضحكن
    ويزقزقن آالعصافير حتى وصلنا إلى الأرض ..
    وخ رجت م ن الفندق بصحبتها فى هذه المرة ، وأصبحنا نتجول
    ف ى المدي نة مع ا ، وس رنى أنه ا تج يد الإنجلي زية ، فق د تع بت م ن
    الحديث بالإشارة وأنها ذاهبة إلى " ليننجراد " مثلى .
    قال ت ل ى أنه ا " فنل ندية " ومس لمة وتش تغل مدرس ة علم نفس
    وجاءت إلى روسيا فى عطلة دراسية لتـزور صديقة لها فى طشقند
    .. بدعوة منها .. وبعد أن توافر لها المال ..
    وحدث تها بأنن ى التق يت منذ أآثر من ثلاثين سن ة ، على التحقيق
    ، بس يدة " فنل ندية " مس لمة وش ابة م ثلها .. عل ى ظه ر باخ رة
    رومان ية .. ون زلنا ف ى " اس تانبول " .. وقض ينا ل يلة جم يلة عل ى
    ضفاف البسفور ..
    وس افرت ه ى إل ى " فنل ندا " .. عل ى أن تكتب لى .. وأعطيتها
    عنوانى فى آونستنـزا ، وبودابست ، وفينا ..
    ٣
    ولك ن بع د وص ولى بيوم ين اش تعلت الحرب فجأة فى أوربا عام
    ١٩٣٩ ، فع دت س ريعا إل ى مص ر ، وانقط ع بين نا آ ل اتصال .. ولا
    شك أنها قدرت موتى آما قدرت موتها ..
    وقالت " نادية " بعذوبة :
    ـ قد يكون تقديرك مخطئا ..
    ـ وق د يك ون ص ائبا .. وق د تذآ رت ه ذه الس يدة الآن بح نان
    وشوق عندما رأيتك ..
    ـ الأنى فنلندية ومسلمة مثلها .. ؟
    ـ أج ل .. فك نا ن تحدث معا بالإنجليزية أيضا آما نتحدث الآن فى
    طلاقة وود ..
    وآ نت أبح ث ع ن أف لام " للكامي را " فاض طررنا أن ن ذهب إلى
    ش ارع " جورآ ى " .. وآ ان الب رد ش ديدا والثلوج تتساقط بغزارة ،
    فأشفقت عليها فى هذا الجو ونحن نعبر الشارع إلى المتجر ..
    ث م خرجنا لنتغدى .. واتفقنا فى ساعة الغداء على أن نسافر فى
    الغد إلى " ليننجراد " ..
    وقض ينا نه ار الس فر مع ا نتس وق بع ض الأش ياء ون ودع مع الم
    المدينة الجميلة ..
    وآ ان القط ار المس افر إل ى " ليننج راد " يتح رك ف ى تم ام
    الس اعة الثام نة مس اء .. فوص لنا المحط ة وال ثلج يتساقط والبرودة
    تح ت الص فر ب ٢٥ درج ة .. وآان ت " نادي ة " متدث رة بمعط ف
    س ميك وتغط ى رأس ها بق بعة زرق اء وف ى ي ديها القف از الص وفى ،
    ومع ذلك خفت عليها من هذا الجو الثلجى .
    ووقف نا عل ى الرصيف نرتعش من البرد ، وآانت المحطة خالية
    من الرآاب تقريبا .. لأننا قدمنا قبل موعد السفر بمدة طويلة .
    وأش فقت علي نا م وظفة مس نة ف ى المحط ة ، فأدخلت نا قاع ة
    ان تظار الض يوف ، ف وجدنا قاع ة فس يحة مكيفة ، وشعرنا على التو
    بالدفء والراحة ..
    وخلع ت معطف ى وغط اء ال رأس والكوف ية الصوف ، وخلعت "
    نادي ة " معطفه ا وقبع تها وقفازه ا ، وب دا ش عرها الأس ود مرس لا
    م تموجا ش ديد اللمع ان ، وتألق ت عي ناها بع د أن خلع ت القبعة وزاد
    ٤
    م ا ف يهما من صفاء ورقة ، وأسفرت عن فستان آحلى من الصوف
    ج يد النس يج محك م التفص يل ، أض ـفى س حرا جدي دا عل ى بشرة فى
    لون المرمر ونعومته ، وزاد الوجه نضارة وحسنا ..
    وق درت س نها بم ا لاي زيد عل ى الثلاث ين س نة ، فق د ب دت ف ى
    الجم ال الآس ر للم رأة ع ندما يك تمل عقله ا وجس مها مع ا .. وي زداد
    ب ريق عين يها .. وتتفجر أنوثة وحيوية وهى تأخذ من الحياة قبل أن
    تولى عنها ..
    وقد أخذتنا السيدة الروس ية المكلفة بغرفة الضيوف فى المحطة
    عل ى اعت بار أن نا ص ديقان أو زوجان .. رغم ما بيننا من فارق آبير
    ف ى السن ، فقد آنت أآبر من " نادية " بعشرين عاما على الأقل ..
    وق دمت ل نا الش اى الس اخن وم ا ع ندها م ن مج لات روس ية باللغ ة
    الإنجليزية ..
    ولم ا أخ رجت له ا " نادي ة " عل بة م ن الحل وى ف اض وج ه
    العج وز بالبشر وتناولت قطعة صغيرة من الشيكولاته وردت الباقى
    وهى تردد الشكر بالروسية التى لانعرفها ..
    ورأي ت ف ى ه ذه الس يدة م ن الح نان والأم ومة م ثل م ا ش اهدته
    تمام ا ف ى العج وز الأخرى التى آانت تشرح لنا باستفاضة ودقة آل
    ط باع " تش يكوف " وأح واله ع ندما زرن ا بي ته ف ى هذا الصباح فى
    قل ب موس كو ، حت ى تص ورت أنه ا ه ى الت ى رب ته عل ى ص درها
    .. وهو جيل عطوف صهرته الحياة وأظهرت فيه أجمل صفاته ..
    آان ت العج وز ف ى المحط ة لاتف تأ تس ألنا بالإش ارة إن آ نا ف ى
    حاج ة إل ى ش ىء آخ ر غي ر الش اى ، فش كرناها بح رارة ، وقل نا لها
    بالإش ارة أيضا أننا أعددنا لليل الطويل فى القطار آل ما نحتاجه من
    طعام ..
    وآان ت تنظ ر الينا فى تمعن وتطيل النظر وتحاول أن تقول شيئا
    لاتس تطيع التعبي ر ع نه بالإشارة ، شيئا آان يدور فى رأسها ويحتل
    مراآز تفكيرها ..
    ***
    ٥
    وق بل م وعد القط ار ب ربع س اعة ، ودع نا الس يدة العج وز
    وخ رجنا إل ى رص يف المحط ة وال ثلج لايزال يتساقط وآل منا يحمل
    حقيبته فى يده ..
    وم ررنا عل ى ص ف ط ويل م ن الع ربات ، أن ه قط ار ط ويل ، بل
    أط ول قط ار رأي ته ف ى حيات ى .. قط ار أزرق فاخ ر .. وعلى باب آل
    ع ربة وقف ت الكمس ارية ب ردائها الأزرق الجم يل وآأنه ا قطع ة م ن
    جماله ، وقفت ساآنة متهيئة للرحلة الطويلة .
    وآان ت ع ربتنا ه ى ال رابعة وراء القاط رة .. وحيت نا الكمسارية
    عل ى ال بـاب ودخل نا ف ى ط رقة الع ربة المفروش ة بالس جاد إل ى
    مقصورتنا .
    ووض عت حقي بة " نادي ة " وحقيبت ى ف ى ال داخل ف ى المك ان
    المخص ص للحقائ ب وخ رجت م ن المقص ورة أتطل ع م ن ال نافذة
    وأعط ى الفرص ة " ل نادية " ل تخلع معطفه ا وقبع تها وآ ل ما آانت
    تتقى به البرد فى خارج القطار .
    ***
    وقف ت أرق ب الرص يف م ن ال نافذة وأن وار المص ابيح ال زاهية ق د
    غش اها ال ثلج المت س اقط فأص بحت ش هباء ت ريح الع ين ، وبدا شىء
    أش به بالس تارة ال زرقاء ق د انس دل ف وق آ ل م ا يح يط ب نا م ن أبنية
    وأش جار ، وآ ان المسافرون الذين يتحرآون على الرصيف قلة من
    السائحين والروس وبعض الضباط بملابسهم الرسمية ..
    وب دا الس كون واض حا ، ول م أس مع صفيرا للقطارات ولا زعيقا
    ولا ض جة ، ورأي ت قط ارات أخ رى وآله ا زرق اء واقف ة ح ذاء
    الأرصفة تنتظر من يأذن لها بالمسير ..
    وأحسس ت " ب نادية " تق ف بجانب ى منش رحة الص در ، وق د
    غي رت فس تانها وب دت آأنه ا تل بس رداء أع د للس فر الط ويل ،
    وأخـ ذنا ن تحدث ون تطلع إل ى بع يد ، وآ ان رأس ى يش تعل بالل يلة "
    الحالمة " ..
    وظللنا نرقب الرصيف بعيون ثابتة بعد أن أزحنا الستارة آلها ،
    وآان ت الح رآة قل يلة وم ن يظه ر م ن ح ين إل ى ح ين م ن ال رآاب
    يمض ى س ريعا وي دخل ف ى جوف العربة الدافىء ومعظمهم أزواج ،
    ٦
    رج ل وام رأة فم ن الذى يقضى اثنتى عشرة ساعة فى القطار وحده
    دون رفيق أو أنيس ..
    وش عرنا ب أن القط ار بدأ يتحرك ببطء وينسحب على الرصيف ،
    وظل ت عيون نا معلق ة بأنوار المدينة المتألقة وبالثلج المتساقط على
    الأعم دة وأس لاك الب رق وف روع الأش جار . وشاهدنا من بعيد شيخا
    آبي را يمش ى ب تؤدة ف ى ط ريق ص اعد وه و يطل ع وس ط ال ثلوج ،
    ورغ م الجه د والتعب البادين على ملامحه وجسمه ، فإنه رفض أن
    تعينه امرأة آانت بجانبه ..
    وقالت نادية وقد تأثرت من منظره :
    ـ إنه يتحرك بإرادته وحده ..
    فقلت معقبا :
    ـ ولعل ه ح ارب وانتص ر بإرادت ه أيض ا .. وأحسبه فقد ساقه فى
    الحرب .. ولكنه ظل صلدا ..
    وسلطت الكاميرا عليه ..
    فسألت نادية :
    ـ هل ستظهر الصورة .. ؟
    ـ أرجو هذا ..
    وخـ يل إل ىّ ونح ن ف ى الممش ى أن ه لا ي وجد رآ اب س وانا ف ى هـ ذه
    الع ربة . وآان ت الكمس ارية واقف ة ه ناك عل ى الجان ب الأيم ن م ن
    الم دخل ، ث م تح رآت وأخ ذت تنـ زل س تائر النوافذ الخارجية آلها ،
    ودخل نا المقص ورة وردت نادي ة ال باب .. وحم دت الله عل ى أن
    الس ريرين م تجاوران ، ف لا داع ى لأن يص عد أح دنا عل ى سلم وينام
    فوق سرير الآخر ..
    وس حبت " نادي ة " الطاول ة التى بين السريرين وأخذت تخرج
    من حقيبة اليد بعض الأشياء وتضعها على الطاولة ..
    وقالت وهى تدور بعينيها فى جوانب المقصورة :
    ـ جميلة .. ؟ !
    ـ جدا .. اتفضلين هذا الجانب ، أم تحبين مكانى .. ؟
    ـ شكرا أننى مستريحة هنا ..
    ٧
    وأخ ذت تج رى المش ط عل ى ش عرها الأس ود ال ناعم .. وترس له إل ى
    ال وراء وه ى ترمقن ى بعين يها الواس عتين ب نفس النظ رة الثاب تة
    المفكرة التى آانت فى موسكو ..
    وأخ رجت المجلات الإنجليزية والكتب لتتسلى بها فى القطار إن
    طابت لها القراءة ..
    ونهضت وفتحت الباب وأنا أقول " لنادية " :
    ـ سأطلب من الكمسارية قدحا من الشاى ، ألا ترغبين .. ؟
    ـ أرغب .. ولكن الشاى يقدم عادة فى الصباح ..
    ـ ولكنى سأحاول ..
    وآان ت " الكمس ارية " جالس ة ف ى مقص ورتها بكام ل زيه ا
    الرس مى ، فطل بت الش اى بالإنجلي زية ، وس رنى أنه ا تع رف ه ذه
    اللغة .. فنهضت على الفور لتصنعه ..
    وحمل ت ل نا قدح ين آبي رين م ن الش اى مم زوجين بالسكر على
    عك س الش اى ال ذى يش رب ف ى قط ارات الص ين ، وح يت نادي ة
    وهشت وبشت فى وجهها . ودلتنى وهى تنسحب على عربة الطعام
    .. فش كرناها وآ ان مع نا طعام نا .. تس وقناه من بقالة فى موسكو ..
    خب ز وزب د ولح م بق ر صنعت منه " نادية " شطائر شهية ، سنأآل
    م نها آلم ا أحسس نا بالج وع ، دون أن نتق يد بمواع يد الطع ام ف ى
    القطار ..
    وأخ ذنا ن تحدث ، ون تطلع م ن ال نافذة ف ى جلس تنا المريحة عن
    الل يل ف ى روس يا ف ى الق رى والحق ول والمص انع والم دن الصغيرة
    والكبيرة .. وآان القطـار يمضى آالسهم ، ولكن لانحس بسرعته .
    وعج بت لإحساس ى نح و " نادي ة " .. ف بعد س اعة آامل ة م ن
    الانف راد به ا ف ى مقصورة ضيقة مغلقة الباب .. لم المس آتفها ولا
    خ دها ولاش عرها .. ول م أش عر بال رغبة ف ى ذل ك ول م أبادله ا آلم ة
    غ زل واح دة .. أن ا ال ذى آ نت أتح رق ش وقا إل ى الس ائحات ف ى
    موس كو ، وأش تهى مض يفات الطائ رات ال نازلات ف ى الف نادق
    وع املات المص اعد ، وآ ل ش ابة التق ى به ا وأج د ع ندها ال رغبة
    لمبادلتى النظر والحديث ..
    ٨
    آ نت أتح رق ش وقا لأن أض م آ ل أنث ى تس تجيب لرغبت ى ..
    ولم ا ج اءت الأنث ى وأص بحت عل ى قيد ذراع منى والباب مغلق
    والس كون يخ يم ، وآل شىء يهيىء النفس لإشعال العواطف ..
    لق يت نفس ى ب اردا م يت الإحسـاس .. ميت العواطف .. لا أحس
    ب أى إحس اس مم ا يش عر ب ه الرجل نحو المرأة عندما يخلو بها
    .. وت دفقت ب دلها عواط ف جديدة فى آيانى آله .. أحسست بهـا
    لأول مرة .. عواطف من الحنان الخالص والعطف الشديد ..
    فلما قالت لى بأنها تشعر بصداع خفيف ، وضعت أمامها آل مـا
    مع ى م ن أق راص ومس كنات للص داع .. وآان ت الح رارة ف ى
    المقص ورة ق د زادت ف خ رجت وت رآتها ل تخفف م ن ملابس ها وتفعل
    آ ل م ا تح ب أن تغيره الأنثى من ملابسها وهى وحدها ولا تضايقها
    نظرات الرجل ..
    وعج بت أن ا ال رجل الأع زب ال ذى ل م يت زوج قط ويعاشر المرأة
    ليص ورها .. آمص ور للص حف .. ويب يع ص ورتها دون اعت بار
    لص احبة الصورة .. أنا بكل صفاتى أصبحت فجأة أحترم هذه السيدة
    وأجلها ، ولم أفكر قط فى أن آخذ لها صورة ..
    وآانت تقرأ خواطرى فى موسكو وتقول لى بعذوبة :
    ـ لماذا لاتأخذ لى صورة .. ؟
    وآنت أجيبها :
    ـ سأص ورك ص ورة تذآارية عندما نفترق فى " ليننجراد " أما
    هنا فلا ..
    ـ هل أنت بخيل .. ؟
    ـ جدا ..!
    ـإذا سأشترى لك الفيلم ..!
    أنه ا تخلق فى آل آلمة من آلمات الحوار جمالا بلاغيا آان يهز
    مش ـاعرى ، وض حكت .. وآان ت مس الك تفكي رى تط رد .. وآ نت
    أخ اف م ن ش ىء لا أعرفه ولذلك لم أحاول تصويرها قط . ولم أفكر
    ف يه م ع أن ص ورتها مغ رية .. ومثي رة ف ى جريدتى .. شابة فنلن دية
    مس لمة رائع ة الحس ن بك ل الملام ح الش رقية ف ى العين ين والخ دين
    والأن ف والف م والجب ين والش فة ال رقيقة الحالم ة .. أى آس ب وأى
    ٩
    إغ راء بع د ه ذا .. ولك ن آ ل حلق ات تفكي رى آمص ور آان ت تق ف
    عندها وتصدم بشىء أعزه فيها ولا أعرف مكنونه .
    ***
    آان ت " نادي ة " ق د زارت ليننج راد .. ق بل مجيئها إلى موسكو
    وطش قند . لأن ليننج راد أق رب الم دن الروس ية إل ى فنل ندا ، ول ذلك
    أخذت تحدثنى عن ليننجراد وما سنشاهده فيها من جمال وبهجة .
    وقالت برقة :
    ـ وسنقضى يوما بطوله فى " الأرميتاج " ..
    ـ يوما بطوله .. ؟
    ـ وال يوم لايكف ى .. ألس ت مص ورا ؟ سترى بعينيك أنه لايكفى ..
    إن فيه أجمل ما صنعه الرسامون فى العالم أجمع ..
    وت ناولت لفاف ة الطعام وأخذنا نأآل على مهل ، وآان فى الكيس
    ث لاث تفاح ات آبي رة .. فأآ ل آ ل م نا واح دة ، واقت رحت نادي ة أن
    تعط ى الثال ثة لكمس ارية الع ربة ، وخ رجت م ن المقص ورة لتعطيها
    التفاحة .
    وعادت الكمسارية إلينا تشكر ومعها دفتر ، وطلبت أن نكتب لها
    آلم ة تذآاري ة ، وآت بت نادي ة آلم ة بالإنجلي زية أعجبتن ى ج دا ،
    ووقع ت تح تها باس مها ووقع ت أن ا باس مى " اب راهيم " بالح روف
    اللاتينية الكبيرة .
    وأرادت الكمس ارية أن تع رف م نطوق الاس مين فك ررته له ا
    نادي ة .. نادي ة .. اب راهيم .. والكمس ارية تح اول نط ق الاس مين
    وراءها بلكنة وأنا أضحك ..
    ***
    وآانت الساعة قد تجاوزت العاشرة بعد أن فرغنا من العشاء ..
    واقت رحت أن نخ رج إل ى الط رقة ونتمش ى قل يلا حت ى لا نص اب
    بالخمول ..
    فخ رجنا وواص لنا الس ير إل ى الع ربات الأخ رى .. وآان ت معظ م
    أب واب المقص ورات مغلق ة ، وقل يل م ن ال رآاب آ ان يق ف مثل نا فى
    الممشى ..
    ١٠
    ولكن الوقفة بجوار النافذة والقطار يمضى و يطوى فى الليل آل
    ش ىء وراءه .. آ ان لها فعل السحر فى نفس " نادية " فقد تفتحت
    نفس ها وتطل ق وجهه ا وأخ ذت تدف ع ش فتها الس فلى إل ى جان ب ..
    وتفتح عينيها السوداوين إلى ما وراء الحجب ..
    وش عرت أن ه القط ار ال ذى يط وى ال زمن .. ول م أع د ف ى فت رة
    الأح لام أش عر بش ىء .. ثم تنبهت على يد " نادية " على آتفى ولم
    أتح رك من مكانى حتى لا أجرح شعورها .. إن السعادة حالة نفسية
    ، وق د أحسس ت به ا ف ى ه ذه الس اعة إل ى أقصى مدى .. وأحسست
    بع د ذل ك بأنه ا وض عت خ دها عل ى آتف ى الأيس ر بجان ب الص در ..
    ق ريبا م ن القل ب .. ولم أتحرك .. وشعرت فى هذه اللحظة بأن نادية
    ج زء م ن آيان ى .. ولا انفص ال ل نا بع دها .. ول م أس ألها إن آان ت
    متزوجه أم لا .. لأنها لم تسألنى هذا السؤال ..
    واستفقت على صوتها :
    ـ نرجع ..
    وآ نا ق د تجاوزن ا ع ربتنا ب ثلاث عربات على الأقل .. فعدنا على
    مه ل ، وبع د أن دخل نا المقص ورة بقل يل واض طجع نا وأخذت تقرأ ..
    وأنا أقلب فى صفحات المجلات .
    س معت نق را خف يفا عل ى ال باب فقم ت وفتح ته ، ف وجدت ف تاة
    رش يقة ف ى الط رقة وناولتن ى بطاق ة عل يها ص ورة قارئ ة آ ف
    مشهورة موجودة فى القطار !!
    وأخ ذت " نادي ة " تح اور الف تاة بالإنجلي زية وآان ت ض احكة
    م رحة وف ى ل باس قص ير ج دا جعله ا ش به عاري ة ، وق درت أنه ا
    إنجليزية أو دنمرآية ، فقد آانت شقراء الشعر وسيمة ..
    وسألتها عن العرافة :
    ـ أين هى ؟
    ـ فى العربة السادسة والمقصورة السابعة ..
    ـ وآم الأجر ؟
    ـ عشرة دولارات ..
    ـ هذا آثير ..
    ١١
    ـ إن ال ناس تس افر ال يها .. وتص رف آلاف ال د ولارات لت راها ..
    ولكنها الآن موجودة وفى القطار ..!
    وسألت نادية :
    ـ هل ترغبين ؟
    ـ لا .. أنا أعرف حظى ..!
    ث م رأي نا أن ن ذهب لمج رد الف رجة .. وف تحت الف تاة ب اب
    المقص ورة قل يلا لن رى م ن بع يد .. ف وجدنا عج وزا نح يلة تجل س
    مس ترخية عل ى الس رير .. وش دنى وجهه ا بغض ونه و تجاع يده ..
    وآان ت ف وق الثمان ين .. وعي ناها تلمعـ ان ف ى ح دة وق وة أبص ار
    غريبة آعينى العقاب
    وبدت فى جلستها قصيرة جدا ونحيفة ، ولكنها آانت تتحدث
    بالإنجليزية بطلاقة مذهلة ..
    وقلت لنادية :
    ـ أدخلى ..
    فقالت :
    ـ لا .. ولكن لنقف ونتفرج ..
    ووقف نا م ع الواقف ين ع ل ى ال باب .. وآ ان أمر العرافة قد عرف فى
    القط ار وأص بحت تس لية للمسافرين ، ولم يكن تسمح لغير الراغب
    ف ى الدخ ول .. ولم نسمع من آلامها حرفا لأنها تغلق الباب تماما ،
    وبداف ع الفض ول دخل ت أنا " ونادية " وسألتها إن آنت أستطيع أن
    أدفع بعملة أخرى ..
    فقالت بالإنجليزية :
    ـ دولارات فقط ..!
    وتلفت نحو نادية لنخرج .. وأنا أقول :
    ـ بالعشرة دولارات نقضى يوما ممتعا فى ليننجراد ..
    فهمست نادية :
    ـ إن منظر المرأة يسحرنى ..
    وأخرجت ورقة بعشرة دولارات وناولتها للعرافة ..
    وسألتنى :
    ١٢
    ـ من الذى سنقرأ آفه أنت أم هى ؟
    ـ أنا ..
    ـ اذن تخرج السيدة ..
    ـ ليس بيننا أسرار ..
    وأصرت على خروجها ..
    وناولتها آفى ..
    فقالت بصوت هادىء :
    ـ ي دك مع روقة .. وطويلة .. وخطوطها واضحة .. أسفار آثيرة
    .. وم ن س ن العش رين وأن ت تس افر ، والح ظ عاث ر ، أرى لق اء ف ى
    س فينة ب ين عاش قين ، وأرى بح ر مرم رة .. والبس فور ، وه اج
    البح ر ، ودوت الق نابل ، وأرى ف تاة جم يلة ثم رة له ذا اللق اء ..
    عاشت والتقت بوالدها بعد سنين وسنين ..
    وذهل ت ع ند س ماع ق ولها .. وأخ ذت أردد .. بح ر .. مرم رة ..
    والبس فور .. وس فينة .. ولق اء .. وبح ر مرمرة بالذات ولم تقل بحرا
    آكل البحور ..
    وسألت وأنا أرتعش :
    والأم ما زالت تعيش ؟
    ـ أجل ..
    ـ أين ..
    ـ فى مدينة آبيرة .. وهى غنية وما زالت جميلة ..
    وظلل ت واقف ا والع رق يتفص د عل ى جبين ى .. آ اد وقع المفاجأة
    أن يص يبنى ب دوار .. ث م تمالك ت زمـ ام نفس ى وخ رجـت ش احب
    الوجـه .
    سألتنى نادية :
    ـ ما الذى قالته لك .. ؟
    ـ لا شىء .. مجرد أآاذيب آالمعتاد ..
    وف ى المقص ورة أخذت أحدق فى وجهها ورجعت أتذآر أمها ..
    نف س العين ين وخ ط الأن ف ونف س البس مة عل ى الش فتين ونف س
    الطباع ..
    ١٣
    وعادت نادية تسأل :
    ـ ما الذى قالته لك المرأة ؟
    ـ ما الذى تقوله عرافة .. أآاذيب بالطبع ..!
    ـ أريد أن أسمعها ..
    ـ قال ت أن ى مت زوج .. وخ ط الس عد واض ح .. وتنتظرن ى ث روة
    آبي رة .. وس أظل أسافر دوما .. ولو عرفت أننى مصرى لقالت أننا
    سنهزم إسرائيل فى هذا الشهر
    ـ وإذا آنت لاتصدقها .. فلماذا تغير حالك بعد قولها .. ؟
    ـ هذا يحدث لكل إنسان ..
    وخ يم بين نا الص مت ، ول م أآ ن أن ام ف ى القط ارات .. وتم ددت
    لتنام هى .. بعد أن خففت الضوء وشمل الظلام المقصورة ..
    ثم سمعت صوتها :
    ـ هل نمت ؟
    ـ أحاول ذلك ..
    ـ متى نصل ليننجراد ؟
    ـ فى الساعة الثامنة صباحا ..
    ـ وأين سننـزل .. ؟
    ـ فى فندق ليننجراد ..!
    ـ حجزت ؟
    ـ أجل ..
    وخطر على بالى سؤال ، فقلت لها :
    ـ نادية .. هل والدك موجود .. ؟
    ـ لا .. لقد توفى فى أثناء الحرب ..
    ـ وأمك .. ؟
    ـ تعيش معى فى فنلندا .. وهى لا تزال صبية وجميلة مع أنها
    تقترب من الخمسين ..
    ـ وما أسمها .. ؟
    ـ صفية خير الله ..
    ١٤
    وارتعش قلبى ..
    وسمعت " نادية " تقول بعد فترة صمت :
    ـ إن صورتها معى فى الحقيبة ، هل تحب أن تراها الآن ؟
    ـ فى الصباح يا نادية .. لاداعى للتعب فى الليل ..
    آنت أود أن أعيش فى ظل الشك .. ولو حتى إلى الصباح ،
    فالحقيقة السافرة مع آل ما تحمل من فرحة .. فيها وقع الفجاءة
    التى لم أآن أتوقع حدوثها قط ، فقدشطر آيانى نصفين .. إن
    القطار الأزرق حملنى عبر السنين إلى بعيد وأنا لا أدرى .. لاشىء
    ينسى .. وآل ما يحدث فى حياة الإنسان فهو لاصق بوجوده ..
    لق د آانت " نادية " أستاذة علم النفس وتقرأ أفكارى ، وتعرف
    هواجسى ، ومشاعرى ، وما أنا فيه من فرحة واضطراب .. ولكنها
    لزمت الصمت ..
    وبع د س اعة قم ت وغط يت " نادي ة " بالبطانية .. ولم يكن جو
    المقصورة يحتاج إلى غطاء ..
    =============================================
    نشرت القصة فى مجلة الثقافة اآتوبر ١٩٧٣ وأعيد نشرها
    فى مجموعة عودة الابن الضال١٩٩٣ لمحمود البدوى
    ======================== ======


    اللهمــ لكـ الحمد .. كما ينبغيــ لجلالــ وجهكــ
    ..وعظيمــ سلطانكــ..

  2. #2
    انجليزي مبدع الصورة الرمزية **الدلوعه**
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    الدولة
    اليابان
    المشاركات
    850
    معدل تقييم المستوى
    108

    رد : قصة القطار الازرق ........؟

    التكمله بكره انشاء الله


    اللهمــ لكـ الحمد .. كما ينبغيــ لجلالــ وجهكــ
    ..وعظيمــ سلطانكــ..

  3. #3
    Awaiting
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    399
    معدل تقييم المستوى
    0

    رد : قصة القطار الازرق ........؟

    ياهو يالدلوعه احس القصه مشوقه بس مقطعه الاحرف ياليت تعيدينها اوضح

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •