النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: تفسير احلام

  1. #1
    انجليزي جديد
    تاريخ التسجيل
    Aug 2022
    المشاركات
    16
    معدل تقييم المستوى
    7

    Lightbulb تفسير احلام

    بسم الله الرحمن الرحيم




    اللهم صلِ على محمد واله الطاهرين
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته








    ما أن يأوي الإنسان إلى فراشه و يغمض عينيه و يسيطر عليه النوم حتى يجد نفسه في عالم آخر يختلف تماماً عن عالم اليقظة من حيث المقاييس و الحدود و الأوصاف .
    نعم يجول النائم غالباً في عالم الأحلام و الرؤى فيشاهد الماضي و الحاضر و المستقبل فإذا به تارة يرجع إلى صباه و أخرى يرى نفسه شيخاً طاعناً في السن ، و قد يدخل في حرب مدمِّرة مع عدو واقعي أو افتراضي ، أو يرى نفسه و هو يعالج سكرات الموت ، أو يرى أن لديه ثروة عظيمة و مكانة مرموقة ينعم بكل خير و يعيش بين الورود و الرياحين ، أو يرى بعض الصالحين من الأحياء أو الأموات ، إلى غير ذلك من المشاهدات العجيبة التي يرتاح الإنسان لرؤية بعضها و يتمنى لو أنها طالت و استمرت من دون انقطاع ، كما و ينزعج من مشاهدة الكثير من الأحلام المهولة و المفزعة .
    و ما أن ينقطع شريط الأحلام حتى يسأل الإنسان نفسه عن حقيقة هذه المشاهدات و مدى انطباقها على الواقع ، فيحب أن يعرف هل أن لهذه المشاهدات من تأثيرات سلبية أو إيجابية على معيشته و حياته أم لا .
    لا بُدَّ من الاعتراف بأن حقيقة الرؤى و الأحلام لا تزال خافية حتى على العلماء ذوي الاختصاص ، لذا فانك ترى أن نظراتهم العلمية مختلفة في تفسير مشاهدات الإنسان في المنام .
    فمنهم من حاول حصر الأحلام في البعد النفسي فقط ، و لم ينظر إليها إلى من هذه الزاوية ، يقول فرويد : " إن الأحلام تلجأ إلى الرموز لتخفي الأغراض التي يحظرها المجتمع " 1 .
    و كان المتنبؤن بالأمس يقولون : " أخبرنا بأحلامك نخبرك بمستقبلك " ، و اليوم يقول أطباء النفس : " أخبرنا بأحلامك نشخِّص مشكلاتك " 2 .
    و مع ذلك فان أصل مشاهدة الأحلام و الرؤيا ثابتة و لا نقاش فيها ، إلا أن ما يهمنا هنا هو النظرة الإسلامية بالنسبة إلى الرؤى و الأحلام ، و ما يهمنا أيضا هو معرفة مدى صحة الاعتماد على أمثال هذه المشاهدات من المنظار الإسلامي .
    للحصول على الإجابة الصحيحة يتحتم علينا مراجعة القرآن الكريم و الأحاديث المروية عن النبي المصطفى ( صلَّى الله عليه و آله ) و الأئمة المعصومين ( عليهم السَّلام ) حتى نتوصل إلى الرأي الإسلامي الصائب في هذا المجال .
    التفسير الاسلامي للرؤى و الاحلام

    سأل محمدُ بن القاسم النوفلي الإمامَ جعفر بن محمد الصادق ( عليه السَّلام ) أسئلة حول حقيقة المشاهد و الأشياء التي يشاهدها النائم ، فأجابه الإمام ( عليه السَّلام ) عنها باختصار ، و اليك نص الرواية :
    قال : قلت لأبي عبد الله الصادق ( عليه السَّلام ) : المؤمن يرى الرؤيا فتكون كما رآها ، و ربما رأى الرؤيا فلا تكون شيئا ؟
    فقال : " إن المؤمن إذا نام خرجت من روحه حركة ممدودة صاعدة إلى السماء ، فكل ما رآه روح المؤمن في ملكوت السماء في موضع التقدير و التدبير فهو الحق ، و كل ما رآه في الأرض فهو أضغاث أحلام " .
    فقلت له : أو تصعد روح إلى السماء ؟
    قال : " نعم " .
    قلت : حتى لا يبقى منها شئ في بدنه ؟
    فقال : " لا ، لو خرجت كلها حتى لا يبقى منها شئ إذن لمات " .
    قلت : فكيف تخرج ؟
    فقال : " أما ترى الشمس في السماء في موضعها و ضوئها و شعاعها في الأرض ، فكذلك الروح أصلها في البدن و حركتها ممدودة إلى السماء " 3 .
    المعنى اللغوي اولا


    لكي تكون دراستنا لمسألة الرؤى و الأحلام دراسة دقيقة لابد و إن نعرف المعنى اللغوي للرؤيا و الحلم و مترادفاتهما من حيث اللغة العربية ، و لكي نتعرف على المعنى اللغوي لابد من مراجعة كتب اللغة أولاً .
    قال في القاموس : الحُلم و الحُلُم : بالضم ، و بضمتين ، الرؤيا ، ... و الاحتلام الجماع في النوم و الاسم الحُلُم كعنق .
    و قال الدكتور أحمد فتح الله : الرؤيا : ما يرى في النوم 4 .
    و قال الأستاذ محمد قلعجي : الرؤيا : على و زن فُعلى ، و قد تُخفف فيه الهمزة فيقال الرؤيا ، ج رؤى ، ما يراه النائم في المنام ، ? لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ ... ? 5 ، Dream 6 .
    و قال البيضاوي : الرؤيا كالرؤية غير أنها مختصة بما يكون في المنام 7 .
    و قال الدكتور سعدي أبو حبيب : الرؤيا : ما يراه النائم في نومه . و يرادف الرؤيا حلم ( جمع ) أحلام . و قد غلب اسم الرؤيا على ما يراه النائم من خير ، و الحلم على ما يراه من شر . و في الحديث الشريف : " الرؤيا من الله ، و الحلم من الشيطان " 8 .
    اقسام الرؤيا


    تنقسم مشاهدات الإنسان في المنام إلى مشاهدات حسنة يستبشر بها الإنسان المؤمن فيرى فيها ما يسره و يرتاح إليه ، و أخرى قبيحة و مهولة يفزع منها الإنسان و يستيقظ على إثرها مرعوباً ، و أخرى تكون على شكل لقطات غير مترابطة و مبعثرة و التي يعبَّر عنها بأضغاث الأحلام ، أي ضغثاً من كل حلم و هي ترسبات متبقية من مجموعة ما شاهده في منامه من الأحلام التي يشاهدها الإنسان فينسى منها الكثير و لا يتذكر منها إلا بعض اللقطات ، لقطة من هنا و أخرى من هناك فتشكل بمجموعها حلماً و احداً غير مترابط الأجزاء ، أو تكون من ترسبات الأفكار و التخيلات و الأماني التي تطرأ على الفكر خلال اليقظة .
    فقد روي عن رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) أنه قال : الرؤيا ثلاثة : بشرى من الله ، و تحزين من الشيطان ، و الذي يحدث به الإنسان نفسه فيراه في منامه 9 .
    و قال ( صلَّى الله عليه و آله ) : الرؤيا من الله و الحلم من الشيطان 9 .
    و قال يحيى بن الحسين صلوات الله عليه : بلغنا عن رسول الله صلى الله عليه و على آله و سلم أنه قال : " الرؤيا الحسنة من الرجل الصالح جزء من ستة و أربعين جزءً من النبوة " 10 .
    و كان يقول صلى الله عليه و على آله و سلم : " لم يبق بعدي إلا المبشرات " .
    قالوا : و ما المبشرات يا رسول الله ؟
    قال : " الرؤيا الصالحة يراها الرجل الصالح أو ترى له ، جزء من ستة و أربعين جزءً من النبوة " 11 .
    و عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبى عمير ، عن سعد بن أبي خلف ، عن أبي عبد الله ( عليه السَّلام ) قال : الرؤيا على ثلاثة وجوه : بشارة من الله للمؤمن و تحذير من الشيطان و أضغاث أحلام 12 .
    الرؤيا الصالحة


    و هي الرؤيا الصادقة الواضحة التي لا تحتاج إلى تعبير أو تكون قابلة للتعبير ، و هي بشرى من الله سبحانه و تعالى يراها الأنبياء و الصالحون ، و هذه الرؤيا تكون بالنسبة إلى الأنبياء من أقسام الوحي ، فعن ابن عباس : إن أول ما ابتدأ به رسول الله صلى الله عليه و آله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم ، و كان لا يرى رؤيا إلا جاءت كفلق الصبح 13 .
    و عن الإمام محمد بن علي الباقر ( عليه السَّلام ) قال : " قال رجل لرسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) : في قول الله عَزَّ و جَلَّ : ? لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا ... ? 14 قال : هي الرؤيا الحسنة يرى المؤمن فيبشر بها في دنياه " 15 .
    و لا شك أن الرؤيا الصادقة حقيقة ثابتة في القرآن و السنة ، فالقرآن الكريم ذكر العديد من الرؤى التي رآها الأنبياء ( عليهم السَّلام ) ، كما ذكر رؤىً أخرى لغيرهم من الناس ، و إليك بعضاً منها :
    1. رؤيا النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) التي ذكرها القرآن الكريم : ? لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا ? 16 .
    2. رؤيا النبي يوسف ( عليه السَّلام ) التي ذكرت في القرآن الكريم : ? إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ * قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ? 17 .
    3. رؤيا السجينين اللذين كانا مع يوسف ( عليه السَّلام ) في السجن و التي عبرها لهما ، و التي ذكرها القرآن الكريم كالتالي : ? وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَآ إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ? 18 ... ? يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِن رَّأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ ? 19 .
    4. رؤيا ملك مصر التي عبرها النبي يوسف ( عليه السَّلام ) و التي ذكرت في القرآن الكريم كالتالي : ? وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ * قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأَحْلاَمِ بِعَالِمِينَ * وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَاْ أُنَبِّئُكُم بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ * يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَّعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ * قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِي سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِّمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ? 20 .
    5. رؤيا النبي إبراهيم ( عليه السَّلام ) و هو يذبح أبنه إسماعيل ( عليه السَّلام ) و التي ذكرت في القرآن الكريم كالتالي : ? فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ? 21 .
    إلى غيرها من الرؤى المذكورة في القرآن الكريم و الأحاديث الشريفة .
    كيف نجعل رؤانا صادقة ؟


    و قد يسأل البعض عن إمكانية التوفيق لرؤية الرؤى الصالحة و يقول هل هناك آداب أو سنن خاصة يتمكن الإنسان من اتباعها حتى تصبح منامات الإنسان و رؤاه صالحة ، أم أنها خارجة عن إرادته بالمرَّة .
    في الجواب لابد أن نقول ، إن قسما من الرؤى تكون خارجة عن إرادة الإنسان و لا يمكن التحكم فيها ، لكن هناك مجموعة من الآداب و السنن تمكِّن الإنسان من توفير الشروط المناسبة لرؤية الرؤى الصادقة القابلة للتعبير ، و اليك بعضاً منها :
    1. أن ينام الإنسان و هو على طهارة ، فقد روي عن أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) : " لا ينام المسلم و هو جنب و لا ينام إلا على طهور " 22 .
    2. أن يسبِّح الإنسان تسبيح الزهراء ( عليها السَّلام ) قبل النوم ، و كيفية تسبيحها ( عليها السَّلام ) هو التكبير 23 أربعا و ثلاثون مرة ، ثم التحميد 24 ثلاثاً و ثلاثون مرة ، ثم التسبيح 25 ثلاثاً و ثلاثون مرة .
    3. أن يستعيذ النائم بالله عَزَّ و جَلَّ من الشيطان الرجيم و يذكر الله جل جلاله قبل النوم : فقد روي عن الإمام الصادق ( عليه السَّلام ) في علة تخلف بعض الرؤيا مع كونها في السحر : " ... إلا أن يكون جنبا أو يكون على غير طهور و لم يذكر الله عَزَّ و جَلَّ حقيقة ذكره فإنها تختلف و تبطئ على صاحبها ... " 26 .
    و هناك بعض العوامل الأخرى المؤثرة التي تساعد على جعل الرؤيا صادقة و قابلة للتعبير كالوقت الذي يشاهد فيه الإنسان الرؤيا .
    وقت الرؤيا


    قال أرباب التعبير : رؤيا الليل أقوى من رؤيا النهار ، و أصدق ساعات الرؤيا وقت السحر 27 .
    و رُوِيَ عن أبي سعيد قال : أصدق الرؤيا بالأسحار 28 .
    و قال ابن حجر في " فتح الباري " : ذكر الدينوري أن رؤيا أول الليل يبطئ تأويلها ، و من النصف الثاني يسرع ، و إن أسرعها تأويلا وقت السحر و لا سيما عند طلوع الفجر 28 .
    و عن الإمام جعفر الصادق ( عليه السَّلام ) : " أسرعها تأويلا رؤيا القيلولة " 28 .
    و عن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله ( عليه السَّلام ) الرؤيا الصادقة و الكاذبة مخرجهما من موضع واحد .
    قال : " صدقت أما الكاذبة المختلفة فان الرجل يراها في أول ليله في سلطان المردة و الفسقة و إنما هو شيء يخيل إلى الرجل و هي كاذبة مخالفة لا خير فيها و أما الصادقة إذا رآها بعد الثلثين من الليل مع حلول الملائكة و ذلك قبل السحر فهي صادقة لا تختلف إنشاء الله إلا أن يكون جنبا أو يكون على غير طهور و لم يذكر الله عَزَّ و جَلَّ حقيقة ذكره فإنها تختلف و تبطئ على صاحبها فان كان قد دخل فراشه و شق عليه الخروج للوضوء فليتيمم بغبار " 26 .
    تعبير الرؤيا


    تعبير الرؤيا أو تفسيره و تأويله هو من الأمور العجيبة ، و هو في الغالب موهبة إلهية و الهام من قبل الله جل جلاله ، و علامة ربَّانية للمعبر .
    و تعبير الرؤيا أو تأويله إنما هو فهم الرؤيا و فكِّ رموزها و من ثم تطبيق المشاهدات التي شاهدها النائم في منامه على الواقع الخارجي للشخص الرائي أو الذي ترى الرؤيا له ، و هذا لا يحصل طبعاً إلا لمن و فقهم الله لذلك .
    و من الواضح أن تحقق الرؤيا الصادقة إنما تكون بتحقق تفسيرها لا بتحقق نفس المشاهدة حرفياً ، يقول العلامة المجلسي ( قدس الله سره ) : إن تعبير الرؤيا لا يجب أن يكون مطابقا للرؤيا بحسب الصورة و الصفة من كل الوجوه ، فسجود الكواكب و الشمس و القمر تعبيره تعظيم الأنوار من الناس له ، و لاشك أن ذهاب يعقوب مع أولاده من كنعان إلى مصر لأجل نهاية التعظيم له فيكفي هذا القدر في صحة الرؤيا فأما أن يكون التعبير مساويا لأصل الرؤيا في الصفة و الصورة فلم يقل بوجوبه أحد من العقلاء 29 .
    المعبر و اهلية التعبير


    لاشك و إن تعبير الرؤيا و تأويلها يحتاج إلى أهلية خاصة ، لذا يجب على من أراد أن يعرف تأويل رؤاه و تفسير أحلامه أن يراجع من يمتلك الأهلية و الموهبة الخاصة ، و ليس له أن يراجع كل من يدعي القدرة على تفسير الرؤى و الأحلام .
    يقول العلامة الفيض الكاشاني مبدياً رأيه بالنسبة إلى تعبير الرؤيا : هو تطبيق المثال المحفوظ على الممثل و هو من العلوم الحدسية التي يقل الحذق فيها إلا لمن و فقه الله و للخائضين في أسرار الشريعة المقدسة الناظرين في بطون الكتاب المجيد الذي فيه تبيان كل شئ 30 .
    و عن أبي جعفر ( عليه السَّلام ) أن رسول الله كان يقول : إن رؤيا المؤمن ترف بين السماء و الأرض على رأس صاحبها حتى يعبرها لنفسه أو يعبرها له مثله فإذا عبرت لزمت الأرض فلا تقصوا رؤياكم إلا على من يعقل 31 .
    و عن أبي عبد الله ( عليه السَّلام ) قال : قال رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) : الرؤيا لا تقص إلا على مؤمن خلا من الحسد و البغي 31 .
    و لعل السر في ذلك أن غير المؤمن و الحاسد إذا عبر الرؤيا ، عبرها بوحي من الحسد و البغض و بتعبير سيئ ، فيوشوش ذهن صاحب الرؤيا ، و يفسد عليه فكره و يُنغِّص عيشه .
    تاخر تفسير الرؤيا


    و ربما يتأخر تحقق الرؤيا الصادقة التي رآها الإنسان في المنام عن زمن المشاهدة فترة طويلة لربما وصلت إلى عشرات السنين .
    فعن ابن عبد البر في كتاب بهجة المجالس و أنس الجالس أنه قيل لجعفر الصادق ( عليه السَّلام ) : و هو أحد الأئمة الاثنا عشر : كم تتأخر الرؤيا ؟
    فقال : " خمسين سنة لان النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) رأى كأنَّ كلباً أبقع ولغ في دمه ، فأوَّله بأن رجلا يقتل الحسين ابن بنته ، فكان الشمر بن ذي الجوشن قاتل الحسين ( عليه السَّلام ) ، و كان أبرص ، فتأخرت الرؤيا بعد خمسين سنة " 32 .
    الاعتماد على الرؤيا


    اتضح مما بيَّناه أن مشاهدات الإنسان التي تصلح لأن تكون موضع اهتمام الإنسان إنما هي الرؤيا الصادقة فحسب ، أما غيرها من أقسام المشاهدات فلا اعتبار لها أساساً .
    ثم أن الرؤيا الصادقة التي يشاهدها الإنسان العادي رغم كونها من المبشرات السارة الداعية إلى الابتهاج و السرور ، إلا أنها ليست من الناحية الشرعية حجة ، فلا توجب تكليفاً و لا تحلل حراما ، حتى لو شاهد الإنسان أحد الصالحين أو المعصومين ( عليهم السَّلام ) يأمره بذلك .
    بل المفروض هو الاقتصار على الإستيناس بالرؤى ، و الاعتبار بها و التأثر بمواعظها ، إذا كان فيها ما يذكرنا بالله و يحذرنا من معصيته ، أما الاعتماد على الرؤى و البناء عليها و الأخذ بأوامرها فمما لا دليل عليه .
    فعن المفضل بن عمر عن الصادق ( عليه السَّلام ) قال : " ... فكر يا مفضل في الأحلام كيف دبر الأمر فيها ، فمزج صادقها بكاذبها ، فإنها لو كانت كلها تصدق لكان الناس كلهم أنبياء و لو كانت كلها تكذب ، لم يكن فيها منفعة بل كانت فضلا لا معنى له فصارت تصدق أحيانا فينتفع بها الناس في مصلحة يهتدي بها أو مضرة يحذر منها و تكذب كثيرا لئلا يعتمد عليها كل الاعتماد " 33 .
    اضغاث الأحلام او الرؤيا المهولة


    ربما تتشوش ذاكرة الإنسان فتأخذ من كل صورة ضغثا و تخلط بينها على وجه لا ينتزع منها شئ محصل و هذا هو المسمى بأضغاث الأحلام ، و يكثر هذا النوع من الأحلام غالباً في الفترة الأولى للنوم و لا سيما عند امتلاء المعدة ، لذا فقد روي أن اكذب الرؤيا ما كان أول الليل و اصدقها ما كان آخره .
    فعن أبي بصير قال قلت لأبي عبد الله ( عليه السَّلام ) الرؤيا الصادقة و الكاذبة مخرجهما من موضع واحد .
    قال : " صدقت أما الكاذبة المختلفة فان الرجل يراها في أول ليله في سلطان المردة و الفسقة و إنما هو شئ يخيل إلى الرجل و هي كاذبة مخالفة لا خير فيها و أما الصادقة إذا رآها بعد الثلثين من الليل مع حلول الملائكة و ذلك قبل السحر فهي صادقة لا تختلف إنشاء الله إلا أن يكون جنبا أو يكون على غير طهور ... " 26 .
    و عن محمد بن سليمان الكوفي خرج النبي ( صلَّى الله عليه و آله ) إلى أصحابه ثم قال : أيها الناس إن الرؤيا على ثلاثة فالرؤيا الصادقة بشرى من الله تعالى و الأحلام من حديث النفس و الأضغاث من الشيطان 34 .
    كيف نتجنب مشاهدة الاحلام المزعجة


    لكي نجنِّب أنفسنا مشاهدة الأحلام المزعجة و المهولة و نستريح منها لا بُدَّ و إن نأخذ بعين الاعتبار الآداب و السنن الشرعية التي الكفيلة ببيان السلوك الفكري و العملي للإنسان المسلم ، و هذه الآداب و السنن كما أنها تؤثر على حياة الإنسان خلال فترة اليقظة فإنها تؤثر أيضا على حياته خلال رحلة النوم ، فسلوك الإنسان و أخلاقه و معاشرته للناس و الأسرة ، و مسكنه و طعامه و التزامه الديني أو عدمه كلها من الأمور المؤثرة على سلامة النوم و ارتياح الإنسان خلال هذه الرحلة الغامضة ، و هناك تعاليم صحية ينصح بها الأطباء و أخرى نفسية و صحية ينصح بها علماء النفس ، لكن نعرض عنها و نكتفي هنا بأهم النصائح الدينية في هذا المجال و هي :
    1. أن يتوضأ الإنسان ثم يأوي إلى فراشه .
    2. أن يسبِّح الإنسان قبل نومه تسبيح السيدة فاطمة الزهراء ( عليها السَّلام ) ، و كيفية تسبيحها ( عليها السَّلام ) هو التكبير 23 أربعا و ثلاثون مرة ، ثم التحميد 24 ثلاثاً و ثلاثون مرة ، ثم التسبيح 25 ثلاثاً و ثلاثون مرة .
    كيف نأمن عواقب الاحلام المكروهة ؟


    كثيراً ما يتفق للإنسان أن يرى في منامه أحلاماً مزعجة و مرعبة يشاهد فيها أموراً يكرهها ، فيستيقظ على إثرها ذعراً و يبقى من نتيجتها قلقاً متخوفاً لا يدري إلى ما يؤول أمره و ما سيحدث له ، و لربما ينتهي أمره إلى العلاج النفسي ، فهل هناك وسيلة يمكن استخدامها لتجنُّب رؤية هذا النوع من الأحلام المزعجة و المروعة ؟
    نعم هناك العديد من الآداب و السنن الإسلامية التي لو راعاها الإنسان حالت دونه مشاهدة تلك الأحلام ، و منعت عنه أي مكروه احتمالي ، و في ما يلي نشير إلى بعضٍ منها :
    عن العلامة المجلسي نقلاً عن عدة الداعي : لدفع عاقبة الرؤيا المكروهة : تسجد عقيب ما تستيقظ منها بلا فصل و تثني على الله بما تيسر لك من الثناء ، ثم تصلي على محمد و آله ، و تتضرع إلى الله و تسأله كفايتها ، و سلامة عاقبتها ، فانك لا ترى لها أثرا بفضل الله و رحمته 35 .
    و كان رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) إذا راعه شئ في منامه قال : " هو الله لا شريك له " 36 .
    و عن أبي سعيد الخدري عنه ( صلَّى الله عليه و آله ) قال : " إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها فإنما هي من الله فليحمد الله عليها و ليحدِّث بها ، و إذا رأى غيره مما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ بالله من شرها و لا يذكرها لأحد فإنها لا تضره " 37 .
    و لا بُدَّ من التنبيه في ختام هذا البحث إلى أن على الإنسان المسلم أن لا يستسلم للرؤيا و الأحلام كما هو حال بعض الفاشلين الذين يُعوِّلون في كل مجالات حياتهم على الرؤى و الأحلام ، و يترك العمل و الإجتهاد و التخطيط و السعي لبناء الحياة و حلِّ مشاكلها ، فإن الدنيا دار عمل و جد و إجتهاد ، و النجاح لمن خطط و عمل و جدَّ و أجتهد ، لا من عوَّل على الأحلام و الرؤى ، و إن كانت بعض الرؤى الصادقة تُعطي دفعة و تنير الدرب و تفتح نافذة من الأمل في وجه العاملين الجادِّين .










    المصادر




    1. انظر جوزيف جاسترو ، الأحلام و الجنس : 115 ، نقلاً عن الأحلام بين العلم و العقيدة : 89 ، لعلي الوردي ، الطبعة الثانية ، سنة : 1994 ميلادية ، طبعة : دار كوفان / لندن .


    2. انظر فرانك كاربريو ، تفسير السلوك : 279 ، نقلاً عن الأحلام بين العلم و العقيدة : 89 ، لعلي الوردي ، الطبعة الثانية ، سنة : 1994 ميلادية ، طبعة : دار كوفان / لندن .


    3. الأمالي : 209 ، للشيخ الصدوق ( قدَّس الله نفسه الزَّكية ) .


    4. معجم ألفاظ الفقه الجعفري : 201 .


    5.القران الكريم : سورة الفتح ( 48 ) ، الآية : 27 ، الصفحة : 514 .


    6. معجم لغة الفقهاء : 228 .


    7. بحار الأنوار ( الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) ) : 58 / 152 ، للعلامة الشيخ محمد باقر المجلسي ، المولود باصفهان سنة : 1037 ، و المتوفى بها سنة : 1110 هجرية ، طبعة مؤسسة الوفاء ، بيروت / لبنان ، سنة : 1414 هجرية .


    8. القاموس الفقهي : 101 .


    9.a.b. بحار الانوار : 58 / 191 .


    10. الاحكام : 2 /550 ، ليحيى بن الحسين بن قاسم .


    11. الاحكام : 2 /550 .


    12. الكافي : 8 / 90 ، للشيخ أبي جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكُليني ، المُلَقَّب بثقة الإسلام ، المتوفى سنة : 329 هجرية ، طبعة دار الكتب الإسلامية ، سنة : 1365 هجرية / شمسية ، طهران / إيران .


    13. حلية الابرار : 1 / 67 ، للسيد هاشم البحراني .


    14.القران الكريم : سورة يونس ( 10 ) ، الآية : 64 ، الصفحة : 216 .


    15. الكافي : 8 / 90 .


    16.القران الكريم : سورة الفتح ( 48 ) ، الآية : 27 ، الصفحة : 514 .


    17.القران الكريم : سورة يوسف ( 12 ) ، الآية : 4 و 5 ، الصفحة : 235 .


    18.القران الكريم : سورة يوسف ( 12 ) ، الآية : 36 و 37 ، الصفحة : 239 .


    19.القران الكريم : سورة يوسف ( 12 ) ، الآية : 41 ، الصفحة : 240 .


    20.القران الكريم : سورة يوسف ( 12 ) ، الآيات : 43 - 49 ، الصفحة : 240 .


    21.القران الكريم : سورة الصافات ( 37 ) ، الآيات : 102 - 105 ، الصفحة : 449 .


    22. التحفة السنية : 317 ، للفيض الكاشاني .


    23. التكبير : قول : " الله أكبر " .


    24. التحميد : قول " الحمد لله " .


    25.. التسبيح : قول " سبحان الله " .


    26.. التحفة السنية : 317 .


    27. بحار الأنوار : 58 / 194 .


    28. بحار الأنوار : 58 / 195 .


    29. بحار الأنوار : 12 / 337 .


    30. التحفة السنية : 319 .


    31. الكافي : 8 / 336 .


    32. بحار الأنوار : 62 / 60 .


    33. الفصول المهمة في أصول الأئمة : 1 / 690 .


    34. مناقب أمير المؤمنين : 2 / 280 .


    35. بحار الانوار : 73 / 220 .


    36. بحار الأنوار : 73 / 203 .


    37. بحار الأنوار : 58 / 192 .
    افضل موقع تفسير احلام موقع انا المسلم

  2. #2
    انجليزي جديد
    تاريخ التسجيل
    Jun 2022
    الدولة
    Panama
    المشاركات
    15
    معدل تقييم المستوى
    7

    Watch Movies Free!

    Hi guys Thanks for having me as a member. We have the best online movies free, and membership is too, different from Netflix. Here are a few titles below>> Awesome movies https://www.yourmoviesite.online/wat...3c7f666e2f2c1d here are some great titles we have available! ]website to watch new movies online freewhere can i watch free movies onlinezygote (2017)dirty deeds onlinefree movies websites 2016 website to watch movie in theatersfree hd filmblack caesar full movief movies innew movies for free download

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •