فمر في يوم من الأيام بمقبرة
كثيرة العظام قد خرجت العظام من المقبرة ،
فتذكر مصيره ، وتذكر نهايته ، وتذكر أنه على الله قادم ،
أخذ عظْمًا نخراً في يده ففتته،
ثم فكر في نفسه وقال
: ويحك يا نفسي
، كأني بك غدًا قد صار عظمك رفاتًا، وجسمك ترابًا،
وما زلت مكبَّة على المعاصي واللذائذ والشهوات،
ثم ندم وعزم على التوبة،
ورفع رأسه للسماء قائلا:
إلهي ألقيت إليك مقاليد أمري، فاقبلني واسترني يا أرحم الراحمين،
ثم مضى إلى أمه متغير اللون، منكسر القلب،
فكان إذا جنَّه الليل أخذ في القيام والبكاء، وأخذ في النحيب وهو يقول:
يا دينار ألك قوة على النار؟
يا دينار ألك قوة على النار؟
كيف تعرضت لغضب الجبار؟
وظل على ذلك أيامًا يقوم ليله،
ويناجي ربه،
ويناجي نفسه يؤدبها ويحاسبها،
فرفقت به أمه يوم رأت جسمه قد هزل،
ويوم رأت صحته بدأت تتدهور، فقالت:
ارفق بنفسك قليلا،
فقال:
يا أماه دعيني أتعب قليلا لعلي أستريح طويلا،
يا أماه إن لي موقفًا بين يديْ الجليل، ولا أدري إلى ظل ظليل، أم إلى شر مقيل؟
إني أخاف عناء لا راحة بعده، وتوبيخًا لا عفو معه،
قالت:
بنياه أكثرت من إتعاب نفسك؟،
قال:
راحتها أريد، يا أماه ليتك كنت بي عقيمًا،
إن لابنك في القبر حبسًا طويلا،
وإن له من بعد ذلك وقوفًا بين يديْ الرحمن طويلا،
وتمر ليالٍ
وهو يقرأ قول الله،
ويقوم ليله، بقول الله
يعطيك الله ألف عافية وجزاك الله ألف خير وعساك دائماَ سالمة
يا غــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــالـــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــيـ ـــــــــــــــــــــــــ ـــة
وفي انتظار الوحدات الأخرى
المفضلات