النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: الإجتهاد بالعشر

  1. #1
    انجليزي مشارك
    تاريخ التسجيل
    Aug 2011
    الدولة
    his heart
    المشاركات
    76
    معدل تقييم المستوى
    441

    A046 الإجتهاد بالعشر

    الاجتهادُ في العشر الأواخر من رمضان


    الشـيخ ياسين الأسطل

    آذن رمضان بعشره الأواخر، فيا صاحبَ الهمة هذا مضمارُك فلتبادر، قد راجت الأعمالُ الصالحات فهذا سوق التضعيف والازدياد، ربح البيع بإخلاص العبادة فلنكشف عن ساق الجد والاجتهاد، فيا من فاتك استدرك فما فاتك، هلك وما نجا المسوفون، وخسر هنالك المبطلون، عجز بأهله عن الفوز التكاسل، والوزنُ الراجحُ ضيعه التخاذل، آن الأوانُ الشدَّ الشدَّ فَلْنلْحقْ، هذا الركبُ قد أسرع به الأكابرُ، فيا أيها المُتعَلِّلُ ما ينفعُك تعلُّلُك ولا يُجديك التَّعْلِيْل، فلتتحلل من إسارك فها قد نودي بالرحيل، دع عنك القال ودع عنك القيل، يا سعدَ من عزم فقام، وبادر ما نام، وأنفق فعند الله الثواب، وإليه المرجع وحسنُ المآب.

    ومن خير الكلام ما قاله الحسن البصري رحمه الله: "إن الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه يستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا،وتخلف آخرون فخابوا! فالعجب من اللاعب الضاحك في اليوم الذي يفوز فيه المحسنون! ويخسر فيه المبطلون!" اهـ.

    أما سمعت يا أخي الصائم تعظيم الليالي العشر في قول الله تعالى في سورة الفجر: {وَالْفَجْرِ "1" وَلَيَالٍ عَشْرٍ "2"}. قال الإمام عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي- رحمه الله- في تفسيره تيسير الكريم المنان: "ويقع في الفجر صلاة فاضلة معظمة، يحسن أن يقسم الله بها، ولهذا أقسم بعده بالليالي العشر، وهي على الصحيح: ليالي عشر رمضان، أو [عشر] ذي الحجة، فإنها ليال مشتملة على أيام فاضلة، ويقع فيها من العبادات والقربات ما لا يقع في غيرها.

    وفي ليالي عشر رمضان ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وفي نهارها، صيام آخر رمضان الذي هو ركن من أركان الإسلام" اهـ.

    قلت: فضل الليالي لرمضان وفضل الأيام للعشر من ذي الحجة والله أعلم.

    أيها المؤمنون يا عباد الله: من أفضل الأعمال في العشر الأواخر من رمضان:

    * الجدُّ والاجتهاد والتشميرُ في العبادة وقيام الليل
    فقد جاء في صحيح البخاري ومسند الإمام أحمد والسياق سياقُ البخاري قال : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَبِي يَعْفُورٍ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: "كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ وَأَحْيَا لَيْلَهُ وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ".

    قال الإمام سفيان الثوري: "أحبُّ إليّ إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل، ويجتهد فيه، ويُنهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك". وقد صح عن النبي أنه كان يطرق فاطمة وعلياً رضي الله عنهما ليلاً فيقول لهما: "ألا تقومان فُتصليان" رواه البخاري ومسلم.

    وفي صفة اجتهاده في العبادة في العشر الأواخر وبيان الفرق بين صلاة التراويح في رمضان وصلاة التهجد قال الشيخ عبيد الله الرحماني المباركفوري رحمه الله في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: "حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة: كيف كان صلاة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في رمضان؟ فقالت: ما كان يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً- الحديث. أخرجه الشيخان وغيرهما. فهذا الحديث نص في أنه- صلى الله عليه وسلم- إنما صلى التراويح في رمضان ثمان ركعات فقط، ولم يصل بأكثر منها- إلى أن قال- ولا مناص من تسليم أن تراويحه عليه السلام كانت ثمانية ركعات، ولم يثبت في رواية من الروايات أنه عليه السلام صلى التراويح والتهجد على حدة في رمضان، بل طول التراويح، وبين التراويح والتهجد في عهده عليه السلام لم يكن فرق في الركعات، بل في الوقت والصفة أي التراويح تكون بالجماعة في المسجد بخلاف التهجد، وأن الشروع في التراويح يكون في أول الليل، وفي التهجد في آخر الليل" أهـ.

    وقال رحمه الله: "قال القسطلاني: وفي هذا نظر، فإنها قالت جد وشد المئزر فعطفت شد المئزر على الجد، والعطف يقتضي التغاير، والصحيح أن المراد به اعتزاله للنساء للاشتغال بالعبادات، وبذلك فسره السلف والأئمة المتقدمون، وجزم به الثوري واستشهد بقول الشاعر:
    قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم
    عن النساء ولو باتت بأطهار.

    ويحتمل أن يراد التشمير للعبادة والاعتزال عن النساء معاً ويحتمل أن يراد الحقيقة والمجاز كمن يقول طويل النجاد لطويل القامة، وهو طويل النجاد حقيقة فيكون المراد شد مئزره حقيقة فلم يحلله، واعتزل النساء وشمر للعبادة قال الطيبي: قد تقرر عند علماء البيان إن الكناية لا تنافي إرادة الحقيقة كما إذا قلت فلان طويل النجاد، وأردت طول نجاده مع طول قامته كذلك صلى الله عليه وسلم لا يستبعد أن يكون قد شد مئزره ظاهراً وتفرغ للعبادة واشتغل بها عن غيرها-انتهى. قلت: وقع عند ابن أبي عاصم بإسناد مقارب عن عائشة شد المئزر واجتنب النساء، وفي حديث علي المذكور شد مئزره واعتزل النساء فعطفه بالواو، وهذا يقوي الاحتمال الأول "وأحيى ليله" أي استغرقه بالسهر في الصلاة وغيرها أو أحي معظمه لقولها في الصحيح ما علمته قام ليلة حتى الصباح، وقوله "أحيى ليله" أي بالقيام والقراءة والذكر كأن الزمان الخالي عن العبادة بمنزلة الميت، وبالعبادة فيه يصير حياً" اهـ .

    * الاعتكافُ في المساجد : ففي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى. وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، " كان رسول الله يعتكف في كل رمضان عشرة أيام، فلما كان العام الذي قُبض فيه اعتكف عشرين". وإنما كان يعتكف النبي في هذه العشر التي يُطلب فيها ليلة القدر، قطعاً لأشغاله، وتفريغاً لباله، وتخلياً لمناجاة ربه وذكره ودعائه. فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره، وقطع عن نفسه كل شاغل يشغله عنه، وعكف بقلبه وقالبه على ربه وما يقربه منه، فما بقى له هم سوى الله وما يُرضيه عنه. وكما قويت المعرفة والمحبة له والأنس به أورثت صاحبها الانقطاع إلى الله تعالى بالكلية على كل حال.

    عباد الله، أيها الصائمون: أنتم يا إخواني في سوق لا كالأسواق، وعملٍ لا كالأعمال، فالسلعة أغلاها الرحمن، وشمر للفوز بها أهل الإيقان، فما ثمَّ راقدٌ ولا كسلان، الشهر شهركم، والليل ليلكم، إن صدقتم موعدكم باب الريان . أمامَكُم أمامَكُم، أوصيكم ونفسي، العملَ العملَ، لا يُلهيَننا الأمل، ويُنسيَننا الأجل، ما أقربَ انقطاعِ الحيلة، أو الموتُ يأتينا غِيْلَة.. يرحم الله القائل:
    يا من بدنياه اشتغل.. قد غره طول الأمل
    أولم يزل في غفلةٍ.. حتى دنا منه الأجل
    المـوت يأتي بغتةً .. والقبر صندوق العمل.

    اللهم رضينا بك ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمدٍ صلى الله عليه و سلم نبياً ورسولا، اللهم فاغفر ذنوبنا واكتبنا من عتقاء رمضان، وتقبل منا الصيام والقيام، واستر عيوبنا، وفرج كروبنا، تفضلاً وتكرماً منك يا ذا الجلال والإكرام.

    * طلب ليلة القدر فهوعظيمٌ فضلها، كبيرٌ أجرها، عزيزٌ طلبها، مرغبٌ فيها، يجتهد المسلمون ليدركوها،، فقد قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ "1" وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ "2" لَيْلَةُ الْقَدْرِ خير من ألف شهر "3"}..

    قال الإمام مالك ابن أنس رحمه الله : "بلغني أن رسول الله صلى اللّه عليه وسلم أُرِي أعمار الناس قبله، أو ما شاء الله من ذلك، فكأنه تقاصر أعمار أمته ألا يبلغوا من العمل الذي بلغ غيرهم في طول العُمر، فأعطاه الله ليلة القدر خيراً من ألف شهر".

    وقال الإمام النسائي: أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ.

    وأما العمل في ليلة القدر: إحياؤها بالتهجد فيها والصلاة، وقد أمر عائشة رضي الله عنها بالدعاء فيها أيضاً. قال الإمام أحمد في المسند: "حَدَّثَنَا يَزِيدُ قَالَ أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : " يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فَبِمَ أَدْعُو؟ .قَالَ: "قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي"".

    والعَفُوُّ من أسماء الله تعالى، وهو المتجاوز عن سيئات عباده، الماحي لآثارها عنهم، وهو يُحبُ العفو ؛ فيحب أن يعفو عن عباده، ويحب من عباده أن يعفو بعضهم عن بعض؛ فإذا عفا بعضهم عن بعض عاملهم بعفوه، وعفوه أحب إليه من عقوبته. وكان النبي يقول: {أعوذ برضاك من سخطك، وعفوك من عقوبتك} [رواه مسلم].

    قال أمير المؤمنين في الحديث الإمام سفيان الثوري رحمه الله: "الدعاء في تلك الليلة أحب إليَّ من الصلاة. ومراده أن كثرة الدعاء أفضل من الصلاة التي لا يكثر فيها الدعاء، وإن قرأ ودعا كان حسناً. وقد كان النبي يتهجد في ليالي رمضان، ويقرأ قراءة مرتلة، لا يمر بآية فيها رحمة إلا سأل، ولا بآية فيها عذاب إلا تعوذ، فيجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكير. وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر وغيرها".

    ألا يا عباد الله: على الله وحده فتوكلوا، وبه سبحانه فثقوا، وإياه فادعوا، واعلموا أن النصر مع الصبر، فاثبتوا على حقكم مستمسكين، والزموا الجماعة موقنين، فالجماعة رحمة والفرقة عذاب، واعملوا في سنة، وأخلصوا لله أعمالكم، وأطيعوا من ولاه الله أمركم، واصبروا على ما تكرهون مادام حقاً، وإياكم وما تحبون مادام باطلا، وانصحوا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، ولأئمة المسلمين، وعامتهم، فالمؤمنون نَصَحَةٌ، والمنافقون غَشَشَةٌ، ولا يستخفنكم من لا يرقب فيكم إلَّاً ولا ذمة، ولتتراحموا والناس أجمعين.

    وأنتم يا إخواننا أيها الساعون للصلح المختلفون أوصيكم ونفسي بما رواه مسلم عن أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ لِى قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِى وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَىَّ وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَىَّ. فَقَالَ: "لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلاَ يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ"، وأذكركم ونفسي بحديث أبي أيوب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".

    ويا ولي أمرنا الحق معك، ما دمت تطلبه يا صاحب الهم والهمة، فاحفظ الله يحفظك، وانصر الله ينصرك، ولن يخيب عبدٌ منيب رجا الله القريب. والله غالب ٌعلى أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

  2. #2
    انجليزي مشارك
    تاريخ التسجيل
    Aug 2011
    المشاركات
    67
    معدل تقييم المستوى
    186

    رد: الإجتهاد بالعشر

    جزاك الله كل خير وبارك الله فيك

  3. #3
    انجليزي فعال
    تاريخ التسجيل
    Aug 2011
    الدولة
    فِ قلب : أُمي وأُبي ..
    المشاركات
    127
    معدل تقييم المستوى
    53

    رد: الإجتهاد بالعشر

    جزاك الله كل خير وبارك الله فيك

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •